عبدالله غريب

البحث عن الذات مشروع حياة !

أزهار عبد الله الزهراني شابة خرجت من رحم القرية بمنطقة الباحة وبالتحديد من قرية الجوفاء بمحافظة بني حسن تلك الفتاة التي تخرجت من جامعة الباحة تخصص تربية فنية التي رأت فيها ما يجسد شغفها بطبيعة البقعة التي تعيش فيها بجمال جبالها وأوديتها ومبانيها القديمة المبنية بالحجارة والأخشاب من نفس البيئة وجمال القرية في ظل التحول الذي تعيشه القرية بل نافست المدينة في البناء الرأسي والأفقي حتى تشكلت وهي تجمع بين الماضي والحاضرة وتشكلت منها لوحة فنية رسمتها أزهار بريشتها الفنية وهي تستوحي اخضرار المكان الذي تعيشه القرية وهي تتوسد العشب الأخضر وتتكئ على جذوع أشجار العرعر وأشجار الطلح البري فكانت قريتها ملهمتها لهذا التخصص ورغم تربيتها لأولادها والقيام بواجبات بيتها ورغم مرور ثمان سنوات من تخرجها إلا أنها لم تيأس أو تستسلم للبطالة وسنوات التعطيل الثمان عن العمل منذ تخرجها رغم البحث والسعي الحثيث لتأمين مستقبلها بوظيفة تتفق ولو جزئيا مع تخصصها لتجني ثمار تعليمها فآثرت مشروع حياة من خلال البحث عن الذات بالعمل لا بالبحث عنه .

هذه الفنانة الرسامة كسرت حاجز الصمت وبفضل ما وجدته من تشجيع من أسرتها وأقاربها الذين شجعوها ورفعوا من معنويتها أعطوها الفرصة لتبحث عن ذاتها الكامنة في عمل شريف يدر عليها ما يكفيها ويساهم في تنمية وصقل واستقطاب المواهب التي تواكب العصر من خلال الفنون التشكيلية التي تتربع اليوم على هرم الفنون السبعة وأصبح لها مكانتها في حياة الشباب والكبار الذكور والإناث وأصبحت بحاجة إلى من يحتضن هذه المواهب فجاءت الفكرة لدى إزهار بأن تكون حلقة وصل بين الفنانين التشكيليين والجمهور المتعطش لمشاهدة الإبداع من خلال المعارض الفنية التي تقام فاختارت المنطقة الغربية لتكون منطلقا لها نحو تنظيم المعارض ودعوة المهتمين بالمشاركة والحضور وقد حظيت بحضور آخر الفعاليات في جدة بمركز أدهم الذي يعتبر الوعاء المعروف لاحتضان هذه المعارض الفنية إذ أقامت الفنانة التشكيلية ” أروى ” أول معرض لها اشتمل على ستين لوحة فنية تشكيلية ركزت فيها بنسبة كبيرة كأي مبتدئ على المدرسة الواقعية والكلاسيكية في حضور مميز وفي مقدمتهم عبد الله مطير الزهراني – والد أزهار الزهراني – الذي ألقى كلمة ترحيبية بالحضور من الجنسين .

نعود فنكمل لكم مسيرة الفنانة التشكيلية المتخصصة أزهار التي فتحت مجالاً وسمته بعنوان يرتبط بالفنون إنه مشروع ” رسّام ” ورغم هذا الاختصار في المسمّى إلا أن هذا المشروع يقوم على تنظيم المعارض والمؤتمرات ورسم الخطط والأهداف للمشاريع ذات العلاقة بالتشاور والتعاون البيني مع عدد من المهتمين بهذا الفن الأصيل المتجدد ولم تنس تفتح المجال لمشروعات أخرى حيث فتحت فرعا في الطائف للإنتاج الإعلامي المرئي والمسموع وتطمح لإقامة أكبر معرض للفنون الشكيلية في صيف الباحة القادم ومن خلال هذه التجربة الناجحة فقد أقامت خمس فعاليات عبارة عن معارض فنية تحت عدة مسميات شملت قدوتي الفنية وتفاؤل وحكاية ومعرض بمناسبة اليوم الوطني ومعرض صمت وشاركت في تنظيم فعاليات حول دور المرأة السعودية تجاه الاحتفال بيوم الوطن وذكرى البيعة بالتعاون مع عدد من الفنادق المشهورة وتسعى لتحقيق أهداف رؤية المملكة 2030م التي تهتم بالشباب وتجعل منهم الركيزة الأساسية لتطور الوطن من خلال مشاركات الشباب في كثير من البرامج والفعاليات التي تكون مداميك لعشر سنوات قادمة ستكون فيها المملكة بواسطة هذه الرؤية في مقدمة البلدان العالمية مكانة وتمكنا .

أزهار لم تستخف بالبدايات التي غيرت تفكيرها بعدم مواصلة انتظار التعيين في وظيفة تتفق وموهبتها وتخصصها فقامت بعمل عدد من اللوحات لتجعل منها معرضا فنيا تشكيليا ذاتيا وحصرت الحضور على أقاربها وصديقات العمر والدراسة وظلت تمارس الرسم وتنضم لدورات في صلب الموضوع لتزيد من ثقافتها العملية بعد أن انتهت من التعليم في الجامعة لتوائم بين النظري والعملي وتحضر معارض وتنصت للشروح من المشاركين والمشاركات وهكذا بدأت الفكرة تنمو وتتطور يوما بعد يوم حتى حققت ولو جزءا مما كانت تهدف له ترى أنه سيكتمل بمرور الأيام وتنوع المعارض والدورات والمؤتمرات والندوات بعد أن يتسع النشاط وتتحقق الأهداف .

أزهار تشكر الدولة لدعمها للشباب وتسهيل ما يريدون تحقيقه لتحقيق الرؤية التي نعيش الثلث الأول من سنواتها والآمال والطموحات ولم تغفل الدعم الحكومي لكنها تلقي باللوم على الموسرين من رجال الأعمال الذين ترى فيهم الخير لو دعموا الموهوبين وتبنوا أفكارهم واشتروا لوحاتهم ليساهموا بهذا إلى جانب الدعم الرسمي وبذلك تكتمل الصورة وتتطور الفكرة لأن الرسوم اتي يتم استحصالها من المشاركين ليستا كنزا بقدر ما هي لتسيير تلك المعارض والصرف عليها من هذه الرسوم الرمزية وهي تدعوهم للمساهمة المجتمعية وزيارة المعارض من قبلهم أو من قبل وكلائهم ومن يثقون بهم لينقلوا الصورة المثلى التي تحفزهم للبذل والعطاء لصالح هؤلاء الفنانين والفنانات باعتبار الرسم والنحت والنقش والزخرفة وغيرها مما يسر الناظرين ويمتع البصر والبصيرة بكنوز ما وراء الصورة .

انعطاف قلم :

حبذا لو تم إنشاء رابطة للفنانين التشكيليين وفق معايير نظامية مؤسسية تتبع مجلس إدارة من كبار الفنانين التشكيليين ويكون لهم مقر في مركز أدهم مقابل إيجار رمزي في سبيل متابعة كل ما يتعلق بهذا الفن الذي يلقى انتشارا عالميا ورواجا تسويقيا وأن يتم فتح المجال للانضمام لهذه الرابطة بشروط تحقق الهدف والرؤية والتفعيل وأن يحمي حقوق الرسامين من التعدي والاستنساخ للوحات المنفذة المشارك بها في المعارض .

عبدالله أحمد غريب

نائب رئيس نادي الباحة الأدبي السابق

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

  1. أزهار وغيرها من الزهراوات يقفن برجل واحدة ويحتجن الرِجل الأخرى من الحكومة والقطاع الخاص كي يتحركن بكل ثقة دون خوف من الوقوع في مديونات اقامة المعارض وتكلفة تجهيزات الاعمال والهدايا وغيرها من متطلبات.
    الاستاذ عبدالله غريب وصحيفة مكة يشكران على هذه الاضاءه والتي تخدم البلد في ظل الرؤية المباركة التي نعيش ازهى صورها

  2. شكراً أبا أحمد على هذا المقال الذي يعتبر من الحوافز المعنوية لهذه الخريجة التي وجدت ضالتها في ظل عدم التعيين بعد التخرج
    ولها مثيلات في تخصصات أخرى لربما يصعب عليهن تنفيذ ما يردن الوصول إليه لتحسين وضعهن المادي بالتوظيف
    الله يمدك بالصحة ويجزيك الجزاء الأوفى فقلمك سيال وفكرك نير لخدمة الوطن والمواطن دمت ودام ألقك والشكر موصول للصحيفة الغراء .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى