في الوقت الذي استقطبت فيه المملكة العربية السعودية الكفاءات البشرية لتجنيسهم، وفتحت الباب لتجنيس الكفاءات الطبية والعلمية والثقافية والرياضية والتقنية بما يسهم في تعزيز عجلة التنمية، ويعود بالنفع على البلاد، وفقًا للقرار الذي أصدره الملك سلمان بن عبد العزيز، والذي يقضي بمنح الجنسية السعودية للكفاءات التي تعيش على أراضي المملكة وخارجها، وتتمتع بكافة الشروط الواجبة للحصول على الجنسية السعودية.
لا زالت هناك بعض العقليات، وهم قلة، ممن يعيش أصحابها بين ظهرانينا من السعوديين ومن غير السعوديين، [هم أناس فيهم جاهلية]، يميزون بين القبلي والحضري وبين القبلي والقبلي، وبين الحضري والحضري، وبين السعودي وغير السعودي، فمما نما إلى مسمعي من سواليف مجتمعي الذي أعيش فيه، أن معلمًا أعلنها أمام طلابه بأنه سيمنح كل طالب ينتمي لقبيلته الدرجة الكاملة، وحتى وإن كان مازحًا لا يجوز له ذلك شرعًا ولا قانونًا؛ لأن وزارة العدل تعاقب كل من تسوَّل له نفسه الازدراء من قدر الأشخاص الآخرين.
وهذا معلم آخر، يسخر من ألقاب بعض الطلاب التي لم ترُق له ولم ترتقِ ألقابهم لمستواه الاجتماعي، أقول له ولأمثاله: إن كان لديك اعتراض على قبول أمثال هؤلاء الطلاب في مدارس المملكة فبدل أن تستهزئ بهم وبألقابهم، وتجعل منهم أضحوكة أمام زملائهم، كان الأولى بك مراجعة مدير مدرستك معترضًا على قبول أمثال هؤلاء الطلاب الملقبين بهذه الألقاب التي تستعر منها أنت، والذين لم يكن لهم يد في اختيار ألقابهم، ولا أنت أيضًا أيها العنصري لم يكن لك يد في اختيار حسبك ونسبك، ولا تنسَ أن أولك كان نطفة مذرة، وآخرك جيفة قذرة، وأنت فيما بين ذلك تحمل العذرة، وقد ظهرت في هذه الدنيا الفانية كغيرك من البشر لتجد نفسك ذا حسب ونسب، فهنيئًا لك ذلك الحسب والنسب والتفاخر بأصلك وقبيلتك، فلك هذا، ولك ولقبيلتك مني كل التقدير والاحترام، ولكنك أسأت لسمعتك ولسمعة قبيلتك بعقليتك ونفسيتك الوضيعة؛ فتكبرت وتفاخرت على خلق الله، وأشغلت نفسك، وأفنيت شبابك وعمرك في التحقير من الخلق الذين كرمهم رب العزة والجلال في قوله تعالى ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ﴾ وقال ﴿إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ﴾، ولم يقل أحسنكم حسبًا ونسبًا، أما أنت فقد حصرت تفكيرك المحدود في “طروش البحر والبر” ولكن لعلمك..إن هذا الطرش لم يكترث لتلك السخافات وارتقى بعلمه وفكره إلى أعلى المراتب العلمية والوظيفية، وأنت لا زلت مكانك سر، منقادًا خلف هذه الأفكار النتنة، فقد قال سيد الخلق عليه أفضل الصلاة والسلام: (دعوها فإنها منتنه).
هذه رسالتي أوجهها لكل عنصري، يا أخي كلنا أولاد آدم و(لا فرق بين عربي ولا أعجمي ولا أبيض ولا أسود إلا بالتقوى) الحديث، وقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ﴾ ﴿وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ ۖ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ ۚ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾، فهلَّا تركت هذا التفكير النتن، والمفاخرة بحسبك ونسبك؟! وتفاخرت عوضًا عن ذلك بحسن أخلاقك.
——————-
مستشار أسري واجتماعي
ماجستير في الخدمة الاجتماعية