تتعدد المسؤوليات وتختلف باختلاف المناصب التي يتقلَّدها ذلك المسؤول وباختلاف طبيعة العمل المناط به، ومما لا شك فيه أن المسؤولية قد ارتبطت بالإخلاص والتفاني في العمل؛ حيث لا يمكن للمسؤول أن يقدم نتائج جيدة ما لم يكن مخلصًا في أداء تلك الأمانة التي تحملها ورضي بمسؤولياتها الجسيمة، وإذا كانت المسؤولية قد ارتبطت بالأمانة والإخلاص في المقام الأول؛ فإن التواضع لا يقل أهمية عنهما، فالتواضع يجعل المسؤول جميلًا في أعين الناس، بل إنه يعتبر المرآة التي تعكس صورة ذلك المسؤول أمام الآخرين لذلك؛ فإنه قلما بل نادرًا ما تفترق المسؤولية والأمانة والتواضع بكل ما تعنيه تلك الكلمات من عدالة وإنصاف ونزاهة وكفاءة عالية.
ومن منطلق الإحساس بالمسؤولية وفي لفتة إنسانية نابعة من قلب مسؤول مخلص لدينه ومليكه ووطنه، نقلت لنا عدسات الكاميرا عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي المختلفة تلك الجولة التفقدية التي قام بها صاحب السمو الملكي الأمير الدكتور حسام بن سعود بن عبد العزيز أمير منطقة الباحة -حفظه الله- ورعاه لسوق الخميس الأسبوعي ولقائه العفوي المتواضع مع بائعي وبائعات السوق رغم سوء الأحوال الجوية التي تشهدها المنطقة حاليًا، حيث دنا منهم متلمسًا احتياجاتهم في صورة يتحقق من خلالها معاني الرحمة والتراصص التي حث عليها ديننا الإسلامي، وشدد عليها الرحمة المهداة نبي هذه الأمة عليه الصلاة والسلام حينما قال: (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كالبنيان المرصوص إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى). فكان من ثمرات هذه الجولة المباركة أنه تبدل حال السوق خلال مدة لم تتجاوز ثلاثة أيام بلياليها؛ فأُدخلت البهجة إلى قلوب النساء والرجال الذين يطلبون قوت يومهم ببيع بضائعهم في سوق الخميس الأسبوعي؛ حيث لُبيت مطالبهم، وذللت كافة الصعوبات التي تواجههم؛ وذلك بتوفير مظلات وسواتر تقيهم التقلبات الجوية خاصة في فصل الشتاء؛ فكانت هذه التوجيهات بمثابة الإنعاش الرؤي الذي أعاد الحياة إلى سوق الخميس؛ مثمنين لسموه هذه الاستجابة الفورية التي لا تستغرب منه -حفظه الله- فلطالما كان لسموه السبق الإنساني في كل مبادرة من شأنها خدمة أبناء المنطقة ومصالحهم من خلال توجيهاته الحكيمة التي دائمًا ما تُشير إلى التعامل بأقصى سرعة مع كل ما يهم شؤون المواطنين حرصًا منه رعاه الله على دفع عجلة التنمية في المنطقة التي باتت تُعانق السحاب، وتنافس كبريات المدن في مملكتنا الحبيبة.
فقد أصبحت منطقة الباحة تُمثل واجهة سياحية عربية وخليجية؛ نظرًا لما تتمتع به من طبيعة خلابة وأماكن سياحية جذابة وغطاء نباتي متنوع وأجواء ساحرة شتاءً وصيفًا في مختلف محافظتها سراة وتهامة؛ حيث تعد الأسواق الشعبية التي تزخر بها المنطقة من أهم تلك الأماكن السياحية، والتي لا تزال مقصدًا لعشاق الشراء الشعبي من أهل المنطقة وزوّارها؛ حيث تشهد إقبالًا كثيفًا نظرًا لتنوع بضائعها وبساطة معروضاتها التي تمزج الماضي بالحاضر، وهو ما منحها ميزة تجعل الزوّار ينجذوب للتسوق فيها؛ حيث تعتبر متنفسًا سياحيًا جيدًا خصوصًا لكبار السن؛ لكونها تذكرهم بالعديد من السلع التي كانوا يستخدمونها في حياتهم اليومية في قديم الزمان .
ومسك الختام فإنه لا يمكن لأي أمة من الأمم أن تتقدم وتحقق الإنجازات والانتصارات العظيمة، إلا بفضل الرجال الأكفاء الذين يحملون مسئولياتهم بكل شجاعة وأمانة واقتدار مؤمنين بأن في إخلاصهم في مسؤولياتهم حياة للشعوب، وعلى ذلك فإنه يجب على كل من جلس على كرسي المسؤولية أن يكون حريصًا على استقطاب حب الناس والحرص على خدمتهم، لأن أكثر ما يؤدي إلى فشل المشاريع الناجحة، وانهيار الثقة بين المواطن والمسؤول هو تقصيره في مسؤوليته التي لم يقدرها حق التقدير .