نشترك نحن بني البشر مع غيرنا من المخلوقات الحية في الحاجات الفسيولوجية الأساسية مثل: الحاجة للطعام والشراب والهواء والنوم إلا أننا نختص بحاجات (نفسية – إنسانية) سيكولوجية ودينامية، وهي مرتبطة بواقع وجودنا بالحياة، وتعايشنا مع الآخرين، وهي الحاجة للحب، والحاجة للنجاح، والحاجة للحرية، والحاجة للانتماء، والحاجة للتعاطف، والحاجة للمشاركة، والحاجة للتقدير والحاجة للاحترام والحاجة للجمال، ولذلك فإن إشباع هذه الحاجات مرتبط بالتأكيد بحصول الشخص على التوافق النفسي وشعوره بمستويات عالية من الصحة النفسية، وهذا ينعكس على شعور الفرد بتمام السعادة والرضا عن الذات وعن الحياة، ولكن طبيعة الحياة متقلبة فهي متغيرة الأحداث ومختلفة الظروف؛ ولذلك فإن هذه الحاجات قد لا تشبع، وبالتالي فإن شعور الفرد بالصحة النفسية يتناقص بناء على عدم إشباع هذه الحاجات، والشخص الواعي والسوي طالما فهم طبيعة الحياة واختلافاتها عليه أن يتقبل منها ما يصطدم مع حاجاته، فمثلًا عند عدم قدرة الشخص على النجاح في مجال العمل أو المهنة أو التعليم أو الزواج أو شعوره بالإحباط تجاه الأمل أو الطموح أو الرغبة التي يسعى للحصول عليها أو الوصول إليها، فإن سعيه ومحاولاته بحد ذاتها تشبع حاجته للوصول للنجاح، وعدم قدرة الشخص الشعور بالتعاطف والمشاركة في ظروف ما، فإن شعوره بقدره وقيمته داخل أفراد عائلته الصغيرة أو محيط أصدقائه يكفي للحصول على قدر من التعاطف والانتماء، وبذلك فإن إشباع (بعض) الحاجات الإنسانية الآنفة الذكر يكفي للحصول على قدر من الشعور بالرضا عن الحياة والطمأنينة في النفس، وأخيرًا علينا تجاوز ما ينقصنا، وأن نتوقف عن البحث عن ما نكمل به حاجاتنا ورغباتنا، وأن نرضى بما وجدناه من قيمة نعمة الوجود الإنساني على هذه البسيطة التي لن ننال منها إلا ما كُتب لنا!!.
———————
عضو الجمعية العلمية السعودية للإرشاد النفسي