د. جرمان الشهري

رأي عامل النظافة!

تُعتبر المملكة العربية السعودية من أفضل الدول إن لم تكن أفضلها في نمط الحياة ومستوى المعيشة، وهذا من فضل الله -جل وعلا- على هذه البلاد الطاهرة التي أكرمها بالموارد الطبيعية وبالخيرات المتوفرة التي جعلتها تتبوأ مركزًا اقتصاديًا مرموقًا على مستوى العالم، نعم قد يكون هناك فئات أو شرائح محدودة لا ترقى في مستوى معيشتها إلى مستوى الأغلبية من المجتمع السعودي، وهذا أمر طبيعي في أي دولة مهما كانت غنية ..
ما دعاني إلى هذه المقدمة أن بعض الأعضاء الذين يحتلون، مراكز عُليا في المجتمع السعودي، وكذلك بعض الكتاب والإعلاميين، يطرحون أحيانًا في أطروحاتهم الإعلامية مقترحات غير موفقة فيما يتعلق بتوظيف الشباب السعودي، وكان آخر تلك المقترحات المستفزة هي ما طرحه أحد الكتاب في لقاء تلفزيوني مع قناة روتانا خليجية؛ حيث نادى حضرته بتوطين مهنة (عامل النظافة) من خلال (إلزام المبتعثين وطلاب الكليات العسكرية بضرورة الخدمة كعامل نظافة لمدة ستة أشهر قبل البعثة، وقبل القبول في الكليات العسكرية) هكذا طرح رأيه بكل صفاقة دون مراعاة لحالة الشباب السعودي ووضعهم الاجتماعي الذي لا يتقبل مثل هذه الوظائف في بلد يعيش فيه المقيمون من جميع دول العالم، ويحققون مداخيل ووظائف لا يجدونها في أوطانهم، ثم يأتي ذلك الجهبذ فيُنادي بتوطين مهنة عامل النظافة وسعودتها، وكأن السعودية من أفقر دول العالم !!
نحن لا نتكبر على أي عمل كان، ولا ننتقص من أي عامل نظافة يعمل بشرف وأمانة وإخلاص، ولكننا في ذات الوقت نقارن بين أوضاعنا الاجتماعية وأوضاع غيرنا ممن قدموا للعمل لدينا، ثم نضع الأمور في نصابها بضرورة توفير الوظيفة المناسبة لشبابنا، والتي تحقق لهم الأمن الوظيفي والمالي والكرامة الاجتماعية ..
هذا الكاتب وأشكاله ممن يغردون خارج السرب يفترض أن يقولوا خيرًا أو يصمتوا، فالشباب السعودي مقبل على مستقبل زاهر وحيوي ومعطاء، فرؤية المملكة ٢٠٣٠ لم يكن من أهدافها تنقيص أو تحقير مستوى السعودي، بل العكس هو الصحيح، فالرؤية تفتح آفاقًا جديدة وفرص عمل متميزة وواعدة تتناسب مع طموح الشباب وشموخ القيادة، الشباب السعودي إذا منح الفرصة أنتج، وحقق نجاحات غير مسبوقة ولا مجال للتشكيك فيه أو الانتقاص من قدراته، والشواهد كثيرة وفي جميع المجالات، وليس عيبًا أن نستعين بغيرنا من المقيمين في إشغال الوظائف الميدانية لعامل النظافة، والتي تتناسب مع مستوى معيشتهم في أوطانهم، مع العلم أن الكادر السعودي متوفر في تلك المهن، ولكن على مستوى القيادات المتمثلة في الإشراف والمتابعة والرقابة، والتي تزخر بها جميع الأمانات والبلديات في أرجاء الوطن، الشباب السعودي يحتاج إلى الدعم المعنوي والرفع من كرامته وتقدير ما يصبو إليه من عمل مشرف في وطنه الذي يعتز به، أما ما اقترحه الكاتب التعيس فمردود عليه وإذا ولابد فليبدأ بنفسه، ويطبق التجربة عليه وعلى أبنائه، ومن ثم ننتظر رأيه بعد خوض التجربة لمدة ستة أشهر كعامل نظافة.

مقالات ذات صلة

‫8 تعليقات

  1. هي في الحفيقة أراء استفزازية غير موفقة مثلها مثل ماسبقها من اراء مماثلة وقد وجدت ردات فعل لم يستفيد منها أخينا صاحب هذا الطرح .
    سلمت أبا وليد على هذا المقال

  2. شكراً أخي عبدالله على مرورك وتعليقك الجميل ، نعم إنه منتهى الاستفزاز للشباب السعودي ، ولكنهم يظلون عماد الوطن ولو كره الحاسدون .

  3. هؤلاء ضعاف الفوس ويرغبون الغاء الكرامة وأنهم ليسوا بحاجة إلى وظيفة لأنهم وظفوا أولادهم اعلاء المناصب بالواسطة وليست بالشهادات ويريدون باقي الشعب خدم لهم ولابنائهم فلذالك لا يهمهم عامل نظافة ولا مدير فحسبنا الله عليهم

  4. شكراً أبو عبدالله ..
    أصبت كبد الحقيقة من أقصر الطرق ..
    نعم هذه الآراء الشاذة بحق الشباب السعودي هدفها لا يخرج عما ذكرت .

  5. بعض الاطروحات استفزازيه ،،،
    وطرح الكاتب لهذا الموضوع يوحي الى فوقيه الكاتب ونظرته الضيقه ،،
    مقدمة مقالك يادكتور/ نحن ولله الحمد في خير بفضل الله ،،،

  6. لقد اجدت واوجزت وافدت في هذا المقال يا سعادة الدكتور جرمان الشهري. فهناك ممن يدعون الثقافة والاطلاع ويدلون باراء لايمكن تنفيذها او الاخذ بها. ولكن مداركهم لاتتناسب مع مسمياتهم ككتاب في وسائل الاعلام.. فمجتمعنا يطمع للاستمرار الى الرقي بشباب هذا الوطن وتحميلهم مسؤلية البناء والنهضة… ومن ثم نحن نسعى الى وضع ابنائنا في مصاف المستويات الاعلى من خطوط خدمة التطور والرقي بهذا البلد….. فياليت من يقترح او يدلي برأيه ان ينظر الى وضع ابنائه… وماذا يتمنى ان يقدموا لبلدهم… واين يجب ان تكون مكانتهم… ثم يطبق ذلك على بقية شباب هذا البلد الذي يسعى المسؤلين المخلصين الى رفع شأنهم وشأن مواطني هذا الصرح الشامخ الذي اكرمه الله ومواطنيه بالعز والدين والثروة التي هي رزق من الله… فمجتع وعادات وتقاليد هذا البلد متوارثة منذ الازل لاترضى بما يتمنى لها مثل هؤلاء.. ليس كبرا او تغطرسا… كما ذكرت.. ولكنها تختلف الضروف.. وفي حالة الاضطرار الى اي من تلك الاعمال فسنجدهم في الصفوف الاولى للقيام باي عمل… ولكن لماذا نسعى الى دعس كرامة اهل الكرامة وتحطيم طموحاتهم…

  7. شكراً أخي عبدالخالق ، سياسة هذا الرجل في طرحه سياسة خالف تعرف ، حتى ولو أتى بالكوارث ، فيكفيه إن الناس تحدثت عنه ولو بالسوء .

  8. هلا بالزميل الغالي محمد أبو نعيم ..
    صح لسانك وسلم فكرك وبنانك ، كلام جميل ومثري للمقال ، دمت لأخيك بصحة وعافية .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى