المقالات

المشهد في السودان

5-1

المشهد في السودان أصعب من أن تستقرئ مستقبله من حاضره وواقعه الحالي ..
فقد تشابكت الخيوط وتقاطعت الطرق؛ بحيث لم يبقَ إلا صوت البندقية ورائحة البارود، وحناجر تهتف لرؤية يصعب تحقيقها دون ثمن باهظ. فلا أمل في عودة إلى جادة الطريق.

المشهد في السودان 2-5

(انقلاب) 25 أكتوبر كان أكبر خطأ ارتكبه البرهان..
نتفق أن أداء حكومة حمدوك لم يكن في مستوى التطلعات والطموحات، ولكن البرهان نفسه وعسكره كانوا عقبة كبيرة أمام أي جهد لإصلاح الحال، بدءًا بتشبث العسكر بحقيبتي الداخلية والدفاع، مرورًا بعدم تكوين المحكمة الدستورية، وانتهاء بغياب المجلس التشريعي رغم النص عليها في الوثيقة الدستورية، وأهميتها في الممارسة المدنية الديموقراطية.
يضاف إلى كل ذلك فرض أسماء بعينها لأهداف خفية، مثل: الإسلامي جبريل إبراهيم (المالية)، والمتمرد مني اركو مناوي (حاكمًا لإقليم دارفور) ..
كان ينبغي على حمدوك رفض هذه الأسماء المفروضة، ولكنه لم يفعل.

المشهد في السودان 3-5

الخطأ الآخر الذي ارتكبه حمدوك قبوله العودة بهذه الطريقة المهينة، ليوقع مع البرهان وثيقة الميثاق السياسي.
وكانت النتيجة أن فقد حمدوك الشارع الذي طالما هتف باسمه الذي ظل أيقونة في كل موكب عقب ثورة ديسمبر.
بالطبع كان البرهان أكثر حرصًا على وجود حمدوك في معيته لضمان استمرار السند الدولي لأي خطوة انتقالية، وعلى امل كسب ود الشارع، ولكن الثوار كانوا أذكى من أن تنطلي عليهم مثل هذه الخديعة.

المشهد في السودان 4-5 

وبعد أن يئس حمدوك من إصلاح الحال في ظل تعنت العسكر، وبالتالي عدم تمكينه من تشكيل الحكومة، لم يجد أمامه من خيار سوى الانسحاب من المشهد في صمت عبر خطاب متلفز مفروض عليه؛ بحيث لم يتحدث عن الأسباب الحقيقية لانسحابه، وهو بذلك ربما يحفظ شيئًا من ماء وجهه، أمام نفسه على الأقل، أما الشارع فلا وألف لا.

في ضو كل هذه المعطيات تبقى أسئلة حائرة لا أحد يملك إجابة لها: ماذا بعد؟ ما هو التصور المنتظر لمستقبل السودان؟ وما هو موقف المجتمع الدولي مما يجري في السودان؟
فالثوار مستمرون في مليونياتهم رافعين شعار (لا تفاوض، لا شراكة، لا شرعية) مطالبين بانسحاب العسكر وتشكيل حكومة مدنية خالصة.
وعلى الطرف الآخر يصعب على البرهان الانسحاب خوفًا من مصير ينتظره ممهور بدماء المئات من شباب الثورة الذين حصدهم عسكره لمجرد أنهم طالبوا بالمدنية والحرية والسلام والعدالة.
نعم لن ينسحب البرهان إلا إذا ضمن طريقًا آمنًا للخروج.
ألم أقل لكم أن المشهد في السودان لا يخضع لاستقراء المستقبل في ضوء الحاضر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button