أدب السير الذاتية قديم ويقال أن أول من كتب عن سيرته الذاتية هو ( جان جاك روسو ) تحت عنوان ” اعترافات ” ومضى هذا النوع من أنواع الأنساق الأدبية بمراحل كثيرة بين مد وجزر ونقد وانتقاد ويقسمها البعض إلى سيرة ذاتية يكتبها صاحبها وسيرة غيرية يكتبها شخص عن شخص آخر وقد يكون الأخير أقل حضورا في ذاكرة المتلقي لعدم الوفاء بكل ما يريد صاحب السيرة والقارئ وإن كان اليوم قد تحولت بعض السير إلى ما يشبه الرواية وبعضها قد تتحول إلى أفلام يكون فيها صاحب السيرة بطلا لا يغيب حتى ينتهي الفلم وربما ينتهي بموته كآخر حدث في حياته.
ما دعاني للكتابة حول هذا بعد أن توسم في عامل المعرفة الدكتور أحمد العرفج بترشيح شخص من الباحة ممن كتب عن سيرته الذاتية فكان أمامي أسماء كثيرة لكني رأيت أن الشاعر الكاتب الإعلامي / أحمد المساعد رئيس النادي الأدبي بالباحة سابقا هو من يستحق قراءة ومناقشة سيرته الذاتية – عبر برنامج عامل المعرفة يا هلا بالعرفج في قناة خليجية – لأهداف كثيرة وفي طليعتها أنالمساعد كتب سيرته بشفافية ومصداقية لم تتضخم عنده الأنا ولم يرتفع فيها سقف الذات بل كان موضوعيا بشكل يجعلك لا تزهد في قراءة هذه السيرة في مؤلفه الموسّم بعنوان ” بين هؤلاء عشت ” الكتاب من القطع المتوسط في مائة وخمس وستين صفحة غير ملونة عدا الغلاف الذي جمع فيه صور بعض وأبرز من عاش معهم دون ذكر أسمائهم التي وردت في ثنايا السرد لمدة زادت عن ستين عاماً ومن أبرزهم بالتقادم محمد زيدان وعبد الله عريف وعبد الله جفري الذي سمّى ولده وجدي تيامنا مع اسم ابن الأديب الجفري واتفقنا على أن يكون الطرف الثالث في النقاش الدكتور عادل خميس الزهراني الأستاذ المشارك في تخصص النقد الحديث بقسم اللغة العربية بكلية الآداب بجامعة الملك عبد العزيز .
والجميل في هذا الكتاب أنه حمل صورا ارتبط فيها المساعد بأصدقائه القدامى الذين تقاسم معهم البدايات وقسوتها عندما كان في سن الرابعة عشرة بعد ان قرر السفر من بني والبة قريته في بني كبير التابعة لمحافظة بالجرشي حاليا إلى الرياض ليعمل خبازا ثم يعود لمسقط رأسه بمبلغ لابأس به في حينه لكنه صرفه بالكامل في مدة بقائه في قريته في شؤون الحياة بعد ذلك قرر السفر إلى جدة التي استقبله فيها خاله وكان بعد وصوله بصحبة صديق العمر سعيد بن أحمد الغامدي الذي أقنعه وخاله سعد بن مصلح المساعد – يرحمهم الله – بالعمل في مطابع الأصفهاني كأول مطابع وقتها تطبع الصحف والكتب لصاحبها محمد حسين الاصفهاني الذي طلب منه ” تابعية ” تثبت انتمائه للبلد والتي سماها بدفتر العربان وهذا كان في منتصف الثمانينات من ثم عمل براتب صافي بمبلغ 98 ريالا في عمل الصف الآلي وتجهيز الآلات قبل أن يعمل بها ما يسمى ” الأسطة ” وذكر المساعد مواقف كثيرة بين السلبية والإيجابية في حياته ومع من عمل معهم أو جالسهم وبالذات من ملّاك الصحف قبل أن تتحول من صحافة افراد إلى مؤسسات صحفية .
المساعد أفرد صفحات من الكتابة والصور التي ربطته بصديقه الفقيد علي السلّوك الذي عمل معه فترات طويلة في إمارة منطقة الباحة وفي رحلات داخلية وأخرى خارجية كما ذكر في سيرته الذاتية مراحل سني عمره عندما عاش يتيما وما تلاها من متاعب واجتهادات منه ليعيش عيشا كريما سواء في مسقط رأسه أو في سفره للرياض أو إقامته في مكة التي صنعت منه إعلاميا وكاتبا ومثقفا وشاعرا وبالخبرة مع من عمل أصبح يجيد اللغة الفصحى تحدثا وكتابة بمجرد العمل في الصحافة التي يدين لها بالفضل في امتلاكه أرسان هذا الأساس الذي تقوم عليه الصحافة الورقية بالذات إذ انتهى به المطاف الأخير مديرا لمكتب المدينة بالباحة وكان يصدر صفحة تحت عنوان ” نسيم الباحة ” قبل ما يزيد عن 42 عاما وهو على رأس العمل الحكومي بإمارة المنطقة .
انعطاف قلم :
بالتأكيد ورغم قراءتي لسيرة الصديق أحمد المساعد “أبو وجدي ” فمقالي هذا لن يغني عن قراءة هذه السيرة من الكتاب نفسه فهي مليئة بالأحداث والمشقات والمواقف وفوق هذا كله الشفافية والمصداقية التي تأسرك للقراءة دون قفز على أي صفحة راجيا له طول العمرة في صحة وحسن ختام والسلام .
أبا أحمد الوفي لكل المبدعين ولكل المهمشين وهم معروفون بما قدموا لأنفسهم ولمجتمعهم الحقيقة أن المقال جميل ومختصر وياليت تدلنا على مكان الكتاب السيرة الذاتية للأخ احمد المساعد لأنه فعلاً من الذين صنعوا نفوسهم بدون مساعدة وشاهدت له فديو لقاء وكان رجلاً فعلاً شفافاً لا يفرض نفسه متعه الله بالصحة وحسن الختام ولك أكرر الشكر والتقدير فأنت وفي لأحبابك شعراً ونثراً وخلقاً نشهد الله على حبنا لك دمت في أحسن حال .
أحسنت كثيرا ان اعدت الينا سيرة ذلك الرجل الفذ