المقالات

مركز اعتدال .. جهود مبذولة لدحض ضلال الفكر المتطرف

إن حماية المكوَّن الفكري للعقل البشري بمثابة رأس المال الحقيقي للدول؛ وذلك من خلال السعي في صد الهجوم المؤدلج تجاه الإنسان من أرباب التيارات المتطرفة والجماعات الإرهابية الدخيلة على مجتمعنا والتي تستهدف شبابنا؛ ولذلك يجب توجيه بوصلة توجهات الفرد نحو العمل الإيجابي المفيد والنافع لدينه ووطنه ومجتمعه.

وقد أدت الانقسامات بين المتطرفين إلى ظهور أساليب رقمية جديدة لترويج فكرهم الضال، ورغم الإنقسامات إلا أنها اجتمع في الفكر المتطرف والأسلوب الدعائي في المضامين الرقمية المتطرفة، ومنها تنظيم القاعدة وداعش وجبهة تحرير النصرة وبوكو حرام؛ ولذلك اعتمدت المنظمات الإرهابية نفس النهج والأسلوب الرقمي للترويج الدعائي المتطرف في السمعة الرقمية لأجل تهديد الأمن الفكري بين أوساط عامة الناس، وبث في نفوسهم روح العدائية، ومن المُلاحظ أن كافة الجماعات المتطرفة أنشأت حسابات ناطقة بعدة لغات ومن أهمها اللغة العربية.

وأن أدوار المركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرف “اعتدال” كبيرة جدًا لدى المجتمع وذلك من خلال رصد مثل هذه الظواهر غير الأخلاقية، وبذلك يقدم المركز جهود لتحصين المجتمع والعالم فكريًا؛ حيث تم إنشاء هذا المركز في عهد الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وهو مركز عالمي لمكافحة الفكر المتطرف “اعتدال” تم تأسيسه في 21 مايو 2017 خلال القمة العربية الإسلامية الأمريكية في العاصمة السعودية (الرياض) ويسعى المركز إلى مكافحة الفكر المتطرف من خلال ذلك، والتعايش بين الشعوب من خلال الرصد والمتابعة والتحليل المستمر للفكر المتطرف، ويعزز دور العلاقات العامة في المركز الأنشطة الاتصالية للتوعية بالأمن الفكري لدى جمهورها، ويعتبر أول مركز مهتم بثقافة الاعتدال الفكري بالتعاون مع جهات إقليمية ودولية.

ومن بين جهود الرصد، أنشئ المركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرف “اعتدال” حسابات بعدة لغات لصد هذا الفكر ولمن يبحث عن الحقيقة سيجدها بلغته، ومما تجدر الإشارة إليه أن الجماعات تكون حساباتها باسم معين ثم يتم رصدها ثم تلجأ لتغير اسمها حتى يتنسى لها الظهور بصورة مغايرة؛ حتى تسعى إلى إيصال نفس الأفكار المتطرفة، ولذلك يقوم المركز بجهود جبارة لتحليل هذه الجماعات من خلال تفصيلها للإحصائيات الواردة منها ووفق بيانات رسمية صادرة من “اعتدال”.

ومن خلال المتابعة الحثيثة للمركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرف “اعتدال” من إبريل حتى نوفمبر، أسفرت عن الكشف عن حسابات منها أساسيًا وبشكل مباشر بمقدار 872، ومنها تم إعادة تفعيله وكان بعدد 42 بالإضافة إلى الحسابات المؤيدة بمسمى فرعيًا بعدد 934 وكانت متعاطفة ومتأثرة بالمضمون الدعائي الرقمي، ونتيجة للانقسامات والخلافات عمدت المنظمات المتطرفة إلى إنشاء حسابات جديدة بمقدار 242 لتكثيف جهود نشر الفكر المتطرف.

وقد رصد مركز “اعتدال” تنظيم القاعدة بإعادة إنشاء 785 حسابًا لتغير أسلوبه في الترويج لأفكاره المتطرفة وذلك في الوصول افتراضيًا بإنشاء حسابات بلغات مختلفة، والتي منها الأردية والبشتونية والعربية وعدة لغات أخرى، وذلك لتعزيز السمعة الرقمية المتطرفة ومحاولة لاستمالة العديد من العامة لأفكاره المتطرفة، والحصول على مؤيدين للفكر الضال مهما كانت لغته، فالغاية هي الوصول إلى أكبر شريحة ممكنة لنشر السموم بالأساليب الدعائية والمضامين الرقمية المتطرفة، وهذا يخدم أجندتها، كما أظهرت إحصائيات مركز “اعتدال” عن وجود 843 حسابًا تابعًا لهيئة تحرير الشام وناطق بعدة نقاط ومنها العربية بإلاضافة إلى قيام تنظيم داعش إلى قيام التنظيم بتفعيل 706 حسابات ناطقة بعدد من اللغات، وفي إفريقيا تم رصد مركز “اعتدال” 25 حسابًا لتنظيم بوكو حرام.

وعندما نتطرق لهذا الجانب الهام، فإننا نبرز أهمية قصوى للبحث العلمي الذي أصبح اليوم أحد مقومات الخطوط العريضة في التقويم والتصويب وكشف الظواهر ومعالجة الثغرات، كما أن للإعلام وسائلها الحديثة دورًا كبيرًا لا يُستهان به، خاصة في ظل تعدد وانتشار مواقع وشبكات التواصل الإجتماعي، فأصبح من أكبر مهددات الاحتراق الفكري للشعوب، خاصة الفئة الشابة منها، مالم تجد تحصينًا من قبل الدول والمنظمات المهتمة في مكافحة الإرهاب والفكر المتطرف، والذين يقع على عاتقهم توعية وتصحيح وضبط التوجهات الفكرية المنحرفة من حيث تنقيتها بشكل علمي وعملي على أرض الميدان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى