قبل أن أتطرق إلى الظواهر التنموية بالمملكة العربية السعودية في شتى المجالات والتي نشهدها مؤخرًا، لابد أن أذكر أهم التعريفات التي وضعها العلماء للتنمية؛ حتى يتضح لك عزيزي القارئ مدى التقدم التنموي الذي نشهده خلال الخمس سنوات الأخيرة، إن التنمية هي عملية تغير مقصود ومُخطط في الأنظمة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية؛ وذلك من خلال نقل المجتمعات من حالة ومستوى إلى حالة ومستوى أفضل، ومن نمط تقليدي إلى نمط متقدم كمًا ونوعًا؛ فهي تعمل على تحقيق زيادة سريعة تراكمية دائمة عبر فترة من الزمن، في الإنتاج والخدمات؛ نتيجة استخدام الجهود العلمية لتنظيم الأنشطة المشتركة الحكومية أو الشعبية، فهي تستهدف أساسًا التغير البشري وتعبئة القوى البشرية للتغلب على مشاكل الأفراد، فبدون التغير البشري وبدون المساهمة الجماهيرية لا تكتمل عملية التنمية؛ لذا فإن أساس النجاح أن يصبح لكل فرد دور في تنمية المجتمع، وأن يكون واعيًّا بالعلاقات البيئية ودوره في تطوير البيئة وحمايتها، وهذه الأمور تحتاج إلى تثقيف وتدريب مستمر، ومن هنا تأتي أهمية وسائل الإعلام في التنمية بهدف تعبئة الجماهير ذات المصلحة في التغير والتنمية، وهذا ما قامت عليه وسائل الإعلام من خلال تسخير جهودها وبرامجها وكوادرها المؤهلة والمتخصصة لتغطية جميع التطورات التنموية الكبيرة في شتى المجالات؛ وذلك بما يتوازى ويتناسب مع العملية التنموية الموجودة بالمملكة العربية السعودية، ولنا في أحد برامجها مثال واضح وصريح لمدى قوة وإدراك وسائل الإعلام في أهمية تثقيف وتوعية الناس والمجتمع بالتطورات والتقدم الكبير الذي نشهده منذ بداية الرؤية (2030)، ومن هذه الظواهر التنموية التحولات الرقمية المؤسسية والتي تعتبر أحد أهم المعايير التقدمية والتطويرية للمجتمعات؛ وذلك عندما عرض الإعلام آخر وكالة ورقية أصدرتها وزارة العدل السعودية بعد أن وصلت إلى نسبة صفر% في التعاملات الورقية، أيضًا عرضه لخدمة توثيق الزواج إلكترونيًّا عبر خدمة “ناجز”، كما تحدث عن تقنية الجيل الخامس والبنية التحتية وكيف أصبحت السعودية من الدول المتقدمة في هذه التقنية؛ حيث احتلت المركز الأول كأكبر شبكة جيل خامس في الشرق الأوسط، والرابعة على مستوى العالم، كما سلَّط الضوء على مبادرة رقمنة الثروة العقارية في السعودية والذي يُعد أكبر مشروع رقمنة للثروة العقارية في العالم، كما تطرق في إحدى حلقاته عن “الثورة السمكية” ومستقبل إنتاج الأسماك في السعودية، وتحدث عن المقارنة التنموية الكبيرة عندما ذكر إحصائية مفادها “بأن عدد المشاريع كانت في هذا المجال (83) مشروعًا في عام (2018) وأصبحت (180) مشروع في عام (2019)”، كما استعرض واستفاض في موضوع التعدين والإسكان والطاقة والثروة الصناعية والبحر الأحمر، ووضح للجميع مدى التقدم التنموي في جميع المجالات في المملكة العربية السعودية بالإحصائيات والأرقام، فتسليط الضوء على مثل هذه الأمور التطويرية هو دلالة صحية فكرية ثقافية على مدى نضج المجتمع ووعي الفرد قبل المسؤول بأهمية الإعلام في هذه المرحلة التطويرية؛ وذلك بأن تكون برامجه عبر وسائله مواكبة للتقدم الكبير الذي تشهده المملكة في جميع المجالات محققةً للنمو المتوازن، وهذا ما كنا نحتاجه من الإعلام في فترات سابقة ولم نجده بهذه القوة، وهذا التأثير الذي هو عليه الآن ..
– محاضر بجامعة أم القرى