في كلّ مجتمع من المجتمعات الإنسانية يحدث الحوار والجدال والمناقشات لحلّ الموضوعات الخلافية التي يشترك فيها الفرد مع غيره من الأفراد أو المجموعات؛ حيث يقدم كل طرف وجهة نظره وحجته بهدوء واحترام للمتحاورين معه للوصول إلى توحيد أو تقريب وجهات النظر حيالها، ولنا في تاريخنا الإسلامي العظيم عبرة في الحوار الذي دار بين رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والمرأة التي جادلته في موضوع الظهار، وسمع الله تعالى تحاورهما، وأنزل سبحانه في ذلك قرآنًا يتلى إلى يوم الدين، قال تعالى: (قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا ۚ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ).
كما وردت في القرآن الكريم قصص كثيرة لمجادلات وحوارات أجراها الأنبياء والرسل مع الطواغيت في أزمنتهم، ومع أقوامهم الذين أرسلهم الله تعالى لهم، ومن ذلك حوار أبو الأنبياء إبراهيم عليه السلام مع النمرود ومع أبيه وقومه، وحوار لوط عليه السلام مع قومه، وحوار موسى وهارون عليهما السلام مع فرعون ومع قومهما، وغير ذلك من القصص.
والحوار هو السبيل الأوحد لتجنب الحروب، وتحقيق السلم والأمن، وتبادل المصالح والمنافع بالعدل بين الدول؛ ولذلك أُنشئت المنظمات الإقليمية والدولية المختلفة التي تعمل على تحقيق هذا الهدف.
ولأهمية الحوار المجتمعي بادرت المملكة بإنشاء مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني تنفيذًا للأمر الملكي الصادر بتاريخ 24/ 5/ 1424هـ؛ بهدف ترسيخ ثقافة الحوار ونشرها بين أفراد المجتمع بجميع فئاته بما يحقق المصلحة العامة، ويحافظ على الوحدة الوطنية، ويعزز ثقافة الحوار واحترام الاختلاف والتنوع، والمحافظة على الوحدة الوطنية، وحماية النسيج المجتمعي، من خلال التواصل الفعَّال، والشراكات المثمرة محليًا ودوليًا.
ومع التطور المُذهل الذي تشهده تقنية وسائل الاتصالات، أصبح في إمكان المتابعين لمنصات التواصل الاجتماعي حضور جلسات حوارية مباشرة في شتى المجالات السياسية والاقتصادية، والثقافية والتاريخية، والرياضية والفنية وغيرها سواء على المستوى المحلي أو الإقليمي وحتى على المستوى الدولي، والمشاركة في الحوار أو الإنصات للمتحاورين للخروج بفائدة.
وأخص بالحديث هنا المساحات التي يفتحها أصحاب الحسابات على منصة “تويتر” لمتابعيهم للحديث عن موضوع يتم طرحه غالبًا في كل مساحة، وقد حضرتُ كثيرًا من المساحات التي كانت تناقش موضوعات محلية وإقليمية، وكنت مستمعًا فقط، ولاحظت على هذه المساحات تفاوت الطرح بتفاوت ثقافة والتزام المشاركين بحدود اللياقة، وكذلك تفاوت قدرة صاحب المساحة على إدارة دفة الحوار وتوزيع الوقت، والتزام الحيادية مع وجهات النظر المختلفة، وضبط حدود اللياقة المطلوبة لاحترام جميع المشاركين.
وبدأت بعض حسابات الصحف المحلية الورقية والالكترونية، وكذلك المعرفات التي تحظى بعدد كبير من المتابعين على منصة “تويتر” تستفيد من هذه الميزة، وتستضيف في مساحاتها أهل الاختصاص في الموضوعات التي تطرحها للحديث عنها مع متابعيها مباشرة ثم تقوم بنشر المفيد من الأحاديث على صفحاتها وحساباتها؛ لتعم الفائدة.
وتستضيف منصة “تويتر” مساحات لبعض الحسابات المتخصصة التي أصبحت تُشكل منتديات مفيدة للمشاركين فيها مثل الحسابات المتخصصة في الاقتصاد والأسهم أو في الشعر والأدب على سبيل المثال.
أما الحسابات الفردية التي تفتح مساحات للحوار المفتوح؛ فنادرًا ما يخرج المتحاورون منها بمختصر مفيد لما دار خلال محاوراتهم من الآراء والمقترحات التي طرحت في وقت المساحة عن الموضوع الذي تمَّت مناقشته، وفي بعض الأحيان تخرج جلسة المساحة عن سيطرة المضيف؛ فتنتهي بخلاف يحدث بين المتحاورين، ومن ثم خروجهم منها.
………………………………………………………
علي بن هجّاد
كلما قلته يا أبا ماجد جميل ولكن الحقيقة ان من يدير الحوار في هذه المنصات لايستطيع إيقاف بعض التجاوزين في بعض الأمور بل ان بعضهم أجده عاجز عن مسايرة الحوار وتأطيره في المراد طرقه من النادر جدا تجد محاور يدير الدفة كما ينبغي .