لم يكن القرآن الكريم يومًا كتابًا يُتلى على روح الأموات فقط، إنما أنزل القرآن الكريم؛ لتسكن إليه الأرواح الحية، وتطمئن وتتنزل به الرحمات هو شفاء لله للأرواح والأجساد وهدى ونور﴿وَنُنَزِّلُ مِنَ القُرآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَرَحمَةٌ لِلمُؤمِنينَ وَلا يَزيدُ الظّالِمينَ إِلّا خَسارًا﴾ [الإسراء: ٨٢]، ومن سياق هذه الآية نتيقن ما يلي:
(وننزّل من القرآن ما هو شفاء للقلوب من الجهل والكفر والشك، وما هو شفاء للأبدان إذا رقيت به، وما هو رحمة للمؤمنين العاملين به، ولا يزيد هذا القرآن الكفار إلا هلاكًا؛ لأن سماعه يغيظهم، ويزيدهم تكذيبًا وإعراضًا عنه…)
[ المختصر في التفسير]
إن القرآن لهو النبراس المنير والمنهاج القويم الذي إذا اتبعناه نلنا سعادة الدارين الدنيا والآخرة، ومن ذلك قول الله تعالى: ﴿وَابتَغِ فيما آتاكَ اللَّهُ الدّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنسَ نَصيبَكَ مِنَ الدُّنيا وَأَحسِن كَما أَحسَنَ اللَّهُ إِلَيكَ وَلا تَبغِ الفَسادَ فِي الأَرضِ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ المُفسِدينَ﴾ [القصص: ٧٧]
(و اطلب فيما أعطاك الله من الأموال الثواب في الدار الآخرة؛ بأن تنفقه في وجوه الخير، ولا تنسَ نصيبك من الأكل والشرب واللباس وغير ذلك من النعم، في غير إسراف ولا مخيلة، وأحسن التعامل مع ربك، ومع عباده كما أحسن سبحانه إليك، ولا تطلب الفساد في الأرض بارتكاب المعاصي وترك الطاعات، إن الله لا يحب المفسدين في الأرض بذلك، بل يبغضهم…) [المختصر في التفسير]
هدية الله للبشر المنزل من السماوات العلى إلى محمد صلى الله عليه وسلم المعجز بكل حرف منه المُتعبد بتلاوته فخذوه بقوة تنعموا، وخذوه بقوة تسلموا من كل الآفات والشرور كيف لا وهو الكتاب الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه، ولا من خلفه محفوظ من لدن ربنا -عز وجل- فلا تمسه يد التبديل أو التحريف كتاب لا ريب فيه، ولا شك فهو كتاب مقدس أنزل من القدوس سبحانه؛ ليكون سبب سعادة المؤمنين من هذه البشرية، وعلى وجه المعمورة.
—————————
كاتبة وباحثة في الدراسات القرآنية