“الدبش” هو الطوب الثقيل، والذي يصل وزنه إلى كميات كبيرة يتعدى مئات الكيلوات، وكان هناك مثل قديم يُقال عندما يتكلم أحد بكلام ثقيل وجارح؛ فيقول الناس له: “أنت بتحدف دبش” أو “أنت كلامك مثل الدبش” كناية عن ثقل الكلمات التي يلقي بها الشخص على مسمع أخيه، فمعنى أن يكون الشخص “دبش” أي أنه يتكلم كلامًا جارحًا سواء كان بقصد أو بدون قصد.
لا أنسى ذلك اليوم الذي قال فيه الطبيب في قسم الطوارئ لأبناء وبنات المريضة وهي (جدتي رحمها الله) أنه بقي لها بضع ساعات وتموت، ولكن لأن الأعمار بيد الله، وليست بيد هذا الطبيب (أبو كلام دبش)، عاشت بعدها ثلاث سنوات بصحة مستقرة إلى أن حان موعد وفاتها المقدر والمكتوب لها، وتوفاها الله.
أريد أن أعرف سببًا واحدًا مقنعًا يجعل بعض الأطباء يبلغون أهل المريض عن موعد وفاته المتوقع، قد تكون مؤشرات ونتائج الفحوصات الطبية هي من يجعل الطبيب يحدد هذا الموعد، ولكن ما الداعي والهدف من إبلاغ الأسرة بخبر محزن كهذا لم يقع بعد، ولماذا الاستعجال في إدخال الحزن في قلوب أهل المريض من قبل وفاته ربما بساعات أو بأيام أو بشهور أو بسنة أو أكثر، وأيهما أفضل أن يعيش أهل المريض أجواء الحزن قبل الوفاة بسنة أو الأفضل العيش في أجواء الأمل والتفاؤل، وأن يبدأ الحزن من بداية الوفاة، حتى لا تكون فترة الحزن طويلة عليهم وأصلًا غير مؤكد أن المريض سيموت أم لا؟!
ومن القصص التي وصلتني أن أهل مريض بعد أن أكد لهم الطبيب بناءً على المعطيات الطبية بأن المريض سيموت خلال ساعات، فبدل أن يدعوا الله أن يشفي مريضهم، اجتمعوا من أجل التخطيط أين سيكون موقع العزاء، ولكن قدر الله أن يشفى ويعيش سنوات طويلة.
قال الشافعي:
فكم من صحيح مات من غير علة، وكم من سقيم عاش حينًا من الدهر
وكم من فتى أمسى وأصبح ضاحكًا، وأكفانه في الغيب تنسج، وهو لا يدري.
إن المريض عزيز على أهله، لذلك فكما حثنا ديننا الحنيف على مراعاة نفسيته، والحفاظ على سلامة صحته، وتخفيف آلامه وأحزانه، وأن من أهم آداب عيادة المريض أن نفسح له الأمل في الشفاء والمعافاة، ولا نؤذيه بتذكيره بأن فلانًا قد مات بنفس العلة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إذا دخلتم على المريض فنفسوا له في الأجل؛ فإن ذلك لا يرد شيئًا، وهو يطيب بنفس المريض” كذلك ينبغي مراعاة نفسية أهله ومرافقيه، وتخفيف أحزانهم عليه فما يحزن المريض قد يحزن أهله أشد من حزن المريض نفسه ثم ما هي الفائدة المرجوة من إبلاغ الأهل بموعد وفاته التقريبي سوى إدخال الهم والغم والحزن عليهم والبكاء، وترقب الموعد المشؤوم، وكان الأولى من ذلك التفاؤل؛ فالكلمة الطيبة الصالحة تبعث الاطمئنان والراحة في النفس، لا سيما في أوقات الكرب، فتعطي الإنسان بُشرى لرفع الكرب.
وفي الحديث يقول أبو هريرة رضي الله عنه: “كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم يُعجِبُه”، أي: يَستحسِنُ ويُفضِّلُ، “الفأْلَ الحسَنَ”، وقد سأَله الصَّحابةُ رَضِي اللهُ عنهم مُستفسِرين عن معنى الفَألِ، “فقالوا: وما الفألُ؟ فقال لهم: الكلمةُ الصَّالحةُ يَسمَعُها أحَدُكم”، فتَجعَلُه يُحسِنُ الظنَّ بربِّه، وتشرَحُ صدرَه وتُريحُ فُؤادَه.
———————-
مستشار أسري واجتماعي
ماجستير في الخدمة الاجتماعية
الكلمة الطيبة أساس التعامل والعلاقات الحسنة ، فالطبيب والمعلم والأب والبائع والمشتري وغيرهم ، لا تسود بينهم المحبة والإحترام وما يتبعها من الصدق والأمانة……والفال الطيب هو ما نعنيه الكلمة الطيبة أو الأماني الطيبة وايضا يعبر يها بعض الناس عن الحظ السعيد … احسنتم اخي الفاضل الأستاذ عبدالرحمن ، بعرض هذا الموضوع بالصورة الجميلة .
إن المريض عزيز على أهله، لذلك فكما حثنا ديننا الحنيف على مراعاة نفسيته، والحفاظ على سلامة صحته، وتخفيف آلامه وأحزانه، وأن من أهم آداب عيادة المريض أن نفسح له الأمل في الشفاء والمعافاة، ولا نؤذيه بتذكيره بأن فلانًا قد مات بنفس العلة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إذا دخلتم على المريض فنفسوا له في الأجل؛ فإن ذلك لا يرد شيئًا، وهو يطيب بنفس المريض” كذلك ينبغي مراعاة نفسية أهله ومرافقيه، وتخفيف أحزانهم عليه فما يحزن المريض قد يحزن أهله أشد.
صحت يمينك ابا حسن.