المقالات

#يوم_التأسيس

أصدر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز -حفظه الله ورعاه- أمرًا ملكيًا بأن يكون يوم ۲۲ فبراير من كل عام يومًا لذكرى تأسيس الدولة السعودية باسم (يوم التأسيس)؛ ليتوافق مع مولد أمه في تاريخ ٣٠ جمادى الأولى العام ۱۱۳۹ھ، وهو أمر صائب ذو رؤية ثاقبة وأهدافه سامية؛ حيث يوجه المجتمع السعودي بكل فئاته أن ينفضوا غبار التاريخ عن بيئتهم ومجتمعهم ووطنهم بعد مرور ثلاثة قرون بإنصاف أئمة البيت السعودي الذين أسسوا دولتهم السعودية التي اعتمدت على الله تعالى والغور في تراثهم وحضارتهم ومكتسبات إنجازاتهم؛ ليكتب تاريخها بأحرف من نور تقديرًا لأعمالهم البناءة بالصلاح والقدوة المثلى في التاريخ والزمن والحكم العادل، ولنا وقفة مع التاريخ حيث لم تكن (نجد) شيئًا قبل حكم الأسرة المباركة آل سعود؛ فقد كان يعيش أهله تحت وطأة المثلث المرعب والخطير (الجهل المرض الخوف) وغياب سلطان دولة يقيم العدل، وكان أهله بين انقسام وتنافر والقوي يتسلط على الضعيف, حيث كاد الدين الإسلامي أن يتواری بأصوله وقوانينه العادلة عن سكانه كما انتشرت الخرافات، وشاعت الموبقات وفتك الجوع بهم والمرض والجهل يعشعش في نجد ثم قيض الله لها بفضله وکرمه الأسرة السعودية رفيعة المقام والعماد التي تتحلى بالمجد والشرف والسؤدد وهي بفضل الله الدعامة العظمى لنهضة الجزيرة العربية, وهذا ما سطره المؤرخون المنصفون في الكتب حيث أنقذت الأسرة المباركة نجد من غيها وظلالها وفقرها.
تأسست الدولة السعودية في القرن الثامن عشر الميلادي في ۳۰ جمادى الأول ۱۱۳۹ھ بقيادة الإمام محمد بن سعود، وقد شارك في هذه النهضة (الدينية والدنيوية) الإمام المصلح المجدد الشيخ محمد بن عبدالوهاب, وقد اعتمد آل سعود على الله، وكان شعارهم (توكلنا على الله)، ووثقوا بجدارتهم فوطدوا العدالة الربانية في حكمهم القویم.

حيث كانت دعوة محمد بن عبد الوهاب؛ لتصحيح الممارسات الإسلامية وترتكز على الدعوة إلى دين الله، وإخلاص التوحيد له وحده والقضاء على الشرك والبدع والخرافات، ولم تكن مذهبًا ولا طريقة کالسنونية والمهدية..إلخ، وفي الدولة السعودية الأولى استتب الأمن في ربوع الجزيرة العربية؛ فدانت للحكم السعودي البلاد النجدية، والحجاز واليمن وعمان، ووصلت غزواته إلى حوران في بادية الشام، والنجف وكربلاء العراق، وكساء الكعبة بالقيلان والديباج الأسود، وقد سالمهم الشريف غالب بن سرور وقبول سلطانهم على الحجاز بالظاهر، وفي الخفاء راسل الشريف غالب بن سرور السلطنة العثمانية، بالعداء للسعوديين فأوعزت إلى واليها على مصر- محمد علي باشا لمحاربة الحكم السعودي، وظن العثمانيون أنهم قضوا على السعوديين.
ويصمد آل سعود بقيادة الإمام تركي بن عبدالله في النهوض بدولتهم السعودية الثانية، وقد راهن الكولونيل البريطاني (لويس بيلي) حينما زار عاصمة آل سعود الرياض عام 1241هـ، والتقى بالإمام فيصل بن تركي وهو يراه أعمى ونصف مشلول وطاعن بالسن، وقد وصف البيت السعودي (يحمل عوامل فنائه في داخله)، ولكن بقى البيت عامرًا ومجدًا ساطعًا، ولما حصل من انتكاسات أدت إلى خروج الإمام عبد الرحمن بن فيصل من نجد إلى إمارات الخليج. عاد الملك عبدالعزيز في عنفوان شبابه، ودخل الرياض في شهر شوال ۱۳۱۹هـ، وبدأ في تأسيس السعودية الثالثة معتمدة على الله وأبناء وطنه؛ فقد كان الملك عبد العزيز عملاقًا وطنيًا عربيًا مسلمًا قام بإنجاز وطني عربي يفوق أي إنجاز من نوعه في العالم العربي والإسلامي بعيدًا عن الاستعمار الغربي الذي جثم على أطراف الجزيرة العربية والبلاد العربية، وحمی مقدسات المسلمين ويسر- السبل إليها ولأئمة آل سعود وملوکها دَين على كل مواطن في الولاء لوطنه وقيادته، ولهم دین في عنق كل مسلم يعظم مقدساته، ولعل (يوم التأسيس) يُذكي لدى أبناء هذا الوطن أن لهم تاريخًا وتراثًا حضاريًا يعد باعثًا للروح الوطنية والفخر والاعتزاز فيما قدمه حكامهم وأجدادهم وآباؤهم، وعلى المؤرخين في هذا الوطن الغالي مسؤولية إنصاف هذا البيت السعودي وتاريخه وتراثه ومرتكزاته الأصيلة بالعقيدة وقيمه العربية.
حفظ الله هذا الوطن، وقيادته الرشيدة من كل سوء ومكروه.
————————-
شيخ شمل قبيلة العصمة

Related Articles

One Comment

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button