من هم صنّاع التاريخ؟ وما الصفات التي يتميزون بها؟ أسئلة تمور في أذهان الكثيرين، وإجابة عن أسئلة كهذه لا تحتاج إلى شرح معلمين لطلاب في الصفوف الدراسية، فصانعو التاريخ شخصيات وهبها الله مزايا عديدة؛ فهم كالنجوم اللوامع راسخون في الأذهان كالنقش في الحجر لا تخطئهم الأنظار ولا تحيد عنهم القلوب، وقبل ثلاثة قرون لمع نجم في نجد أبصره الأهالي، وجدوا فيه الحكمة والعدل والتقوى، وأقروا له بالإمارة هو المؤسس الأول للدولة السعودية الإمام محمد بن سعود؛ فكانت نظرته ثاقبة وحكمته بالغة، التم الناس حوله مبايعين ومؤيدين وجدوا فيه، ومن خلاله ما تطيب به حياتهم، وتقر له قلوبهم وتأنس له نفوسهم، وتأكيدًا لنقاء سريرته وقف مع دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب داعمًا و مؤازرًا؛ لأن الدعوة صادقة دعوة للحق ونبذًا للضلال لتكون بمثابة الضوء الذي عمَّ الأرجاء، وتحذيرًا من البدع والخرافات التي كانت سائدة؛ فأنارت الدعوة مسارب الجهل، وأيقظت الناس من الجهالة تلك مرحلة أولى قامت على شرع الله وسنة نبيه؛ ولكون الجزيرة العربية يكتنفها الجهل والفقر والمرض العدوان الثلاثي؛ فالصحراء قاحلة والموارد شحيحة، وانعكس ذلك على عدم قدرة الدولة الاستمرار ليأتي من يشعل جذوة الحماس، ويحمل أعباء تأسيس دولة، وهو الإمام تركي بن عبدالله لتأخذ بُعدًا جغرافيًا أوسع من الخليج إلى البحر لتصل إلى حدود العراق والشام، واستمر حكام الدولة السعودية الثانية على نهجه تحفظهم عناية الإله وتؤازرهم عزائم الرجال، ولمّا كانت الأحداث التاريخية تتعاقب -وهي سنة الله في خلقه – فبعد القوة ضعف ساعد ذلك على اهتزاز أركان البنيان، إلا أن البنيان تحفه عناية الله ليبقى صامدًا بظهور من لديه القدرة على الحفاظ عليه، وحمل شعلة البناء مؤسسًا دولة وفق ما اختطه أباؤه وأجداده، ورغم الظروف السياسية التي كان يمر بها العالم..حربان عالميتان ومساحة جغرافية واسعة وظروف تضاريسه بين صحراء وسهل وجبل وموارد اقتصادية شحيحة، رغم تلك الصعوبات إلا أن للتاريخ صناعًا أفذاذًا؛ حيث تمكن الملك عبد العزيز من إعادة مجد آبائه بفتح مدينة الرياض في عام 1319 هجرية؛ ليستقر له الأمر ويستمر في تحقيق الحلم الذي يتمناه الجميع توحيد البلاد تحت راية “لا إله إلا الله محمد رسول الله” ليقيم دولة عصرية -بفضل الله- وينتشر الفرح في أرجاء البلاد ويسود الأمن وتعود العافية للدولة، وتتوحد في عام 1351 هجرية تحت مسمى المملكة العربية السعودية.
للتاريخ صنّاع يمتلكون كاريزما فريدة تعززها الحكمة والشجاعة والعدل والتقوى، وأيضًا حب الناس لهم. وكان للملك الراحل عبد العزيز بن عبد الرحمن -يرحمه الله- رؤية ثاقبة في التركيز على الاستقرار والأمن كمرحلة أولى بعدها التفت إلى ما يزيد من النماء، ويحقق الرفاهية لأبناء شعبه فاتجه إلى كنوز الأرض، وتحقق له ما أراد بعون الله، وانعكس تأثير النفط على الوطن ازدهارًا ونموًا وتطورًا على كافة الأصعدة، هناك نسيج مترابط وعلاقة متينة بين مؤسسي الدولة السعودية الأولى والثانية والثالثة في المجال القيادي، والتوجه الفكري، والقدرة على التغيير، والحرص على الحكم بالشريعة الإسلامية والسنة النبوية المطهرة مما يستحق كل واحد منهم أن يكون صانعًا للتاريخ.
وهنا نفخر كشعب سعودي بهذه المنجزات التي تتحقق على ثرى وطننا الغالي من شماله إلى جنوبه، ومن شرقه إلى غربه؛ فقد جاءت بإرادة الخالق -عز وجل- ثم بالجهود الكبيرة والقيادة الحكيمة عهدنا الزاهر عهد خادم الحرمين الشريفين ملك الحزم والعزم، وولي عهد الأمين الأمير محمد صاحب الرؤية الواعية، والمبادرات الحضارية المتميزة حفظ الله وطننا وأدام عزه.
0