لأنّنا أمّة تضرب بجذورها عميقًا في التاريخ، ولأن وطننا.. هذا الشامخ الأبي، يتسامق تيهًا بماضيه، ويتسامى مجدًا بحاضره، ويتوثّب قدرة ووعيًا بمستقبله؛ كان حريًّا أن نوقف الزمان لحظة، ليتأمل الجميع لحظة التأسيس والميلاد، ومعركة النهوض والاستشراف.. فما أروع قيادتنا الرشيدة، وما أقدح بصيرتها المتقدة، وهي تعلن بأمر ملكي كريم يوم الثاني والعشرين من فبراير في كل عام؛ ليغدو “يوم التأسيس” في سطور تاريخنا المعاصر مناسبة وطنية، تجسِّد في طياتها حرص قيادتنا على إنعاش الذواكر، واستلهام المعاني النيِّرة، باسترجاع هذه اللحظة الفارقة في تاريخنا، لتكون منطلقنا من أجل توثيق المعلومات التاريخية للمملكة العربية السعودية، وتذكير الأجيال الجديدة؛ بل والعالم أجمع بأمجاد أمّتنا، وتضحيات قياداتنا على مر الحقب والعهود الزاهرة..
إن الاحتفاء بهذا اليوم لابد وأن يعيد شريط الذكريات الماتع بالانطلاقة المباركة من الدرعية، بوصفها العاصمة الأولى للدولة في العام 1139هـ الموافق 1727م، في مشهد عزّ نظيره، وسما في أفق الهمم تقديره، فمن تلك اللحظة، توحّدت جزيرة العرب تحت راية التوحيد الخالدة، معلنة عهدًا جديدًا، وحقبة أنهت الفرقة والشتات، وبدّدت الخوف والجهل والاحتراب، ورفعت راية التوحيد خفاقة عليا في سماء الجزيرة العربية، فحق لنا أن نحتفي بهذا اليوم، ونجعله أيقونة في روزنامة حياتنا، ومصدر فخر واعتزاز لنا بوطننا وقيادتنا الحكيمة الرشيدة، التي ما فتئت تضرب أروع الأمثلة في التضحية ونكران الذات، والفداء من أجل تراب الوطن وسلامة وأمن أراضيه، ورفاهية شعبه ومواطنيه.
إن من الواجب علينا جميعًا أن نجعل من “يوم التأسيس” منصة جديدة لإبراز تاريخنا المعاصر، وجعله حاضرًا في ذاكرة أبنائنا وبناتنا، مرسخين في وعيهم هذه القيم الوطنية الوضيئة، حتى يشبُّوا على محبة وطنهم، والولاء لقيادته، والعمل على نهضته وارتقائه إلى المجالات السامقات، ويكون ذلك دافعهم إلى تقديم كل ما يستطيعون من عطاء وبذل في سبيل نهضته العظيمة تحت رؤية المملكة 2030.
فهنئيًا لنا بـ”يوم التأسيس” الذي يبرق في سماء وطننا بالمعاني الخالدات، والقيم الراسخات، ويعمِّق فينا معاني الانتماء لوطننا، والولاء لقيادته الرشيدة، ويشحذ فينا كل مساقي الذود عن حماه.
——————-
تويتر AliMelibari@