من خلال ما يردني من استشارات أسرية واجتماعية، وكباحث اجتماعي يمكن من خلال منهج الملاحظة؛ التقدير بأن غالبية تلك الاستشارات تتعلق بالمشكلات الزوجية، فإن هذا النوع من المشاكل ليس أمراً جديداً طرأ على المجتمعات الحديثة، بل تعود جذوره منذ القدم، فيكفي دلالةً على ذلك أن أفضل زوج على وجه الكرة الأرضية هو نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وزوجاته هن أفضل الزوجات، ورغم ذلك تعرضوا أيضاً للمشكلات الزوجية، فما بال غيرهم من الأزواج يتذمرون، ويقلبون حياتهم الأسرية نكداً وجحيماً وكأنهم هم الوحيدون في هذه الدنيا الذين يتعرضون للمشكلات الزوجية.
لقد اعتدت كمستشار أسري، استخدام الأساليب العلاجية الاجتماعية، والاسترشاد والاستنارة بالتوجيهات النبوية في مساعدة الزوجين لحل مشكلاتهما، فإني أؤمن إيماناً كاملاً وقاطعاً بأن الامتثال لتلك التوجيهات خير وقاية وعلاج لمشكلات الزوجين، وقد جاء في كتاب الأساليب النبوية في معالجة المشكلات الزوجية لمؤلفه الدكتور عبدالسميع الأنيس، اثنى عشر أسلوباً نبوياً، استعملها النبي صلى الله عليه وسلم لمعالجة المشكلات الزوجية التي عرضت في بيته الكريم، وهي كالآتي:
1- أسلوب الابتسامة والدعابة؛ لأن بعض المشكلات ليس لها من حل سوى الابتسامة التي تضفي عليها طابع المرح.
2- أسلوب التغاضي؛ وذلك بألا يستقصي الزوج عيوبَ زوجته، ولا يترصد أخطاءها.
3- أسلوب الحوار الهادف والإقناع في كثير من شؤون الأسرة وأمورها، وحذَّر من الاستبداد الذي يُعَدُّ من الأمراض الخطيرة التي تعصف بالأُسرة، فتقضي على حاضرها ومستقبلها.
4- أسلوب العِظَة والتذكير عند الخطأ المتعمَّد، والتقصير المبيَّت.
5- أسلوب العتاب، ويستعمل في موقف لا ينبغي أن يمر دونما حساب، أو في مشكلة طالما كُرِّرت؛ للحيلولة دون وقوعها مرة ثانية.
6- أسلوب التروِّي والتثبت والتحقيق قبل إصدار الأحكام، وهذا الأسلوب نافع في كل الخلافات التي تقع في الأسرة، لا سيما تلك التي لها مساس بالأعراض، وقد استعمله النبيُّ صلى الله عليه وسلم في معالجة مشكلة حادثة الإفك التي عرضت للسيدة عائشة رضي الله عنها من قِبَل المنافقين، وقد كشف البحثُ عشرين درسًا تم استنباطُها من ثنايا هذا الحدث.
7- أسلوب القضاء العادل، وقد استعمله النبيُّ صلى الله عليه وسلم في معالجةِ مشكلة لها تعلُّقٌ بحقِّ الغير.
8- أسلوب التأديب بالدفع، وهو تعبير عن خطأ وقعت فيه الزوجة، ولا يمكن السكوت عنه.
9- أسلوب الهجر، استعمله النبيُّ صلى الله عليه وسلم في مواجهة مشكلات متكرِّرة، كان آخرها إفشاء سِرِّه من قِبَل حفصة رضي الله عنها، وقد عُرفت هذه القصة بقصة التحريم.
10- أسلوب التخيير والتشاور، وهو أسلوبٌ استعمله النبي صلى الله عليه وسلم لمعالجة المشكلات الاقتصادية التي تنشأ داخل الأسرة بسبب المطالبة بزيادة النفقات المؤدِّية إلى الإسراف.
11- أسلوب الطلاق، وقد استعمل النبي صلى الله عليه وسلم هذا الأسلوب مرتين، مرة مع حفصة بنت عمر رضي الله عنها، ولكنه راجَعها.
ومرة ثانية مع أميمة بنت النعمان التي طلقها قبل الدخول بها، ولم يراجعها؛ لِمَا كانت تتصف به من غرور.
12- وأخيراً جاء في هذا الكتاب القيّم أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يستعمل أسلوب الضرب في معالجة المشكلات الزوجية.
مستشار أسري واجتماعي
ماجستير في الخدمة الاجتماعية