المقالات

يوم التأسيس مولد أمة

 احتفلت المملكة العربية السعودية منذ أيام وسط أجواء من الفخر والبهجة بيوم التأسيس الأوَّل.
وهو يعد الأول لعدة أسباب نذكر منها:
الأول لأن الاحتفال به يحدث للمرة الأولى في تاريخ البلاد؛ إذ صدر أمر ملكي كريم في 27 يناير 2022 بتحديد يوم الاحتفال بهذه المناسبة؛ ليكون في اليوم الثاني والعشرين من شهر فبراير في كل عام.
وأما السبب الثاني فلأنه يخلّد ذكرى قيام الدولة السعودية الأولى قبل ثلاثة قرون تقريبًا.
وأما السبب الثالث فهو التأكيد تكامل الدولة السعودية في مراحلها المختلفة، وأنها من هذه الأرض، وليست صنيعة مستعمر أو غازي، وكما قال شاعرنا الكبير الأمير بدر بن عبد المحسن:
حكامنا من شعبنا هذا أخو هذا ابن عم
فاليوم الوطني وهو يوم اكتمال التوحيد في «الدولة السعودية الثالثة» بقيادة الملك عبد العزيز بن عبدالرحمن آل سعود -طيّب الله ثراه- في الثالث والعشرين من سبتمبر عام 1932م، ويوم التأسيس وهو اليوم الذي تأسست فيه «الدولة السعودية الأولى» تحت حكم أول الأئمة السعوديين «محمد بن سعود»، رحمه الله، في الثاني والعشرين من شهر فبراير عام 1727.
والحقيقة أن كلا اليومين يعبران عن جوهر السعودية الحديثة، فاليوم الوطني هو اليوم الذي أخذت فيه المملكة شكلها الحالي، وابتدأت فيما تلاه من أيام وسنين من رحلة البناء حتى وصلت إلى ما وصلت إليه اليوم من مكانة كُبرى على الخريطة العالمية.
لقد عاشت السعودية قرونها الثلاثة بتجربة سياسية فريدة، وكان لا بد من ربط اللحظة الأولى بآخرها، وكان لا بد من التأكيد أن التاريخ يتوسع لصالح هذا الكيان السياسي في هذه التجربة الفريدة، وأن أكثر من مئة عام مضت، التي أسس فيها الملك عبد العزيز –رحمه الله- دولته، لم تأتِ من فرضيات الصدف بل كانت مبنية على قرنين من الزمان قبلها، فقد قاد جد الملك عبد العزيز -رحمه الله- الثاني عشر الإمام محمد بن سعود تشكيل صيغة الدولة السعودية التي انطلقت من الدرعية، الأرض التي شهدت ولادة المملكة العربية السعودية لأول مرة في الجزيرة العربية.
لقد صنعت السعودية تاريخ الجزيرة العربية بأكمله في منهجية راسخة غرست نفسها في التاريخ، وأثمرت هذا الوطن، بأن خلدت نفسها دولة عريقة يسندها التاريخ ويصقلها عبر تجربة سياسية قاسية واجهت من خلالها الكثير من التحديات، ولكنها كلما سقطت أرضًا تنهض مجدد، كما لو كانت تُولد من جديد، وبذلك صنعت هوية راسخة لشكل الجزيرة العربية بأكملها، واستطاعت أن تتميز بالمرونة والقدرة على التكيف مع كل الظروف والأزمنة.

فيوم التأسيس هو فرصة كبرى لنا؛ لنغذي عقول الأجيال بأنهم في وطن ولد حر لا احتلال ولا استعمار فيه، وأن هذا بحد ذاته ميزة تجعل الفرد فينا يحسن بالفخر والآباء فنقاء تاريخ هذا الوطن، وتلاحم أبنائه مع قادته طوال ثلاثة قرون مضت، صنعت هذا الوطن الشامخ، وشكلت قدرته على مواجهة التحديات مهما كانت.
نحن اليوم أمام مسؤولية كبرى لكي نصنع للجيل الجديد مسيرة هذا الوطن الممتدة عبر ثلاثة قرون بمنهجية تتوافق مع تصوراتهم وتطلعاتهم مستخدمين التقنية والتكنولوجيا الحديثة ومحافظين على روح الأصالة المستمدة من جذور هذه الأرض المعطاءة.
فلقد أصبح العلم وتقنيات التعليم اليوم متاحة لإلقاء الضوء على سيرة الآباء المؤسسين وقادتنا العظام، وتقديمها كمادة تاريخية يستطيع أبناؤنا التعامل معها، والاستدلال بها، وتأكيد هويتهم ونشرها للعالم أجمع بلغاته المختلفة.
فالهدف أن يصبح يوم التأسيس مصدر فخر لجميع أبناء الوطن، وأن يكون يوم الثاني والعشرين من شهر فبراير من كل عام مناسبة للحديث عن إرث وطنا الغالي، وارتباط هذا الوطن بماضيه العريق ومستقبله الزاهر بإذن الله.

سعود المشهور

اكاديمي متخصص بالاتصال الجماهيري السياسي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى