يعتزُّ الإنسان بِوَطَنِهِ؛ لِأَنَّهُ مَهْدَ صِبَاه وَمُدْرَجَ خُطَاه وَمَرْتَعَ طُفولَتِهِ، وَمَلْجَأَ كُهُولَتِهِ، وَمَنْبَعَ ذِكْرَيَاتِهِ، وَمَوْطِنَ آبَائِهِ وَأَجْدَادِهِ، وَمَأْوى أَبْنَائِهِ وَأَحْفَادِهِ، وَمِن أَجْلِهِ تُضَحّي بِكُلِّ غَالٍ وَنَفيسٍ وتعبيرًا عن تأسيس المملكة العربية السعودية، فعبر تاريخها الطويل والمشرف، كانت أرض المملكة معرضًا للبطولات والتضحيات المتوالية، عبر سنين من الصراعات بين الأقوام التي سكنتها، وأبرز في فترة من فترات حضارتها العظيمة، شيخًا مصلحًا وإمامًا حكيمًا، غيرا مجرى التاريخ في هذه البقعة الطاهرة من بقاع الأرض، والذي تسلسلت أحداثه حتى تشكلت المملكة العربية السعودية التي نراها الآن.
على رمال الصحراء الواسعة، وفي أطهر بقاع الأرض، وفي وسط الجزيرة العربية شهد التاريخ على قيام حضارة مزدهرة، هو تاريخ المملكة العربية السعودية.
توالت على المملكة العربية السعودية فترات تاريخية مختلفة، كان أبرزها، الفترة التي تأسست فيها الدولة السعودية الأولى، التي عكست تآلفًا كبيرًا بين الشيخ محمد بن عبد الوهاب، ورؤية وحكمة الإمام محمد بن سعود رحمه الله، والتي استندت إلى القرآن الكريم وتعاليم الإسلام والشريعة التي خصنا الله -عز وجل- بها، وبهذه الروح الفاضلة، نشأت الدولة السعودية الأولى، التي امتدت إلى مناطق شبه الجزيرة العربية، والتي تطورت فيما بعد، إلى المملكة الشامخة والمتقدمة المتطورة التي نراها الآن.
مملكة الدرعية يعود تاريخ مدينة الدرعية إلى العام 1446م، والموافق للعام 850 هـ، عندما تمتعت المدينة بالحكم الذاتي بعيدًا عن الانقسامات والتبعيات التي كانت تخضع لها القبائل والمناطق في تلك الحقبة الزمنية، ويعد الفضل بتأسيسها إلى الأمير مانع بن ربيعة المريدي، وهو الجد الثاني عشر للإمام محمد بن سعود، وبعد توالي الأمراء عليها بالوراثة، وصل الحكم إلى الأمير محمد عام 1720م-1139هـ، والتي أصبحت فيما بعد عاصمة للدولة السعودية الأولى منذ عام 1744م -1157هـ.
وتدرجت بعد ذلك الأحداث وفقًا لتسَلسل تاريخي عبر عدة مراحل.
الدولة السعودية الأولى تم تأسيسها على يد الإمام محمد بن سعود -يرحمه الله- في 22 فبراير من عام 1727م -30 جمادى الأولى 1139هـ ليكون دستورها القرآن الكريم وسنة النبي الكريم، ويسود فيها الحكم وفق الشريعة الإسلامية، وهكذا بدأت رحلة التأسيس ثم الدولة السعودية الثانية في عام 1824م-1240هـ استطاع الأمير تركي بن عبد الله -يرحمه الله- وهو يحمل سيف الأجرب.
إعادة تأسيس الدولة السعودية الثانية، وعندها جعل من الرياض عاصمة له، وخلال سنوات من النضال في عهده وعهد ابنه فيصل، استطاع استرداد مناطق عدة من المناطق شبه الجزيرة العربية. ثم الدولة السعودية الثالثة في عام 1902م-1319هـ عاد الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود المعظم. ليثأر لإرث أبيه وجداده بمرافقة ثلاثة وستين رجلًا فقط .إعادة كيان وأمجاد الدولة السعودية. وبما تمتع به الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن بالحكمة والحنكة السياسية والعسكرية، وشخصيته القوية، أثمرت عن خطوة عظيمة في تاريخ شبه الجزيرة العربية، حيث قام بتوحيد القبائل المتصارعة في شبة الجزية العربية، وفي 23 سبتمبر من عام 1932م. تم إعلان توحيد المملكة باسم المملكة العربية السعودية؛ وبهذه المناسبة الغالية على قلوب الشعب السعودي أصدر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز المفدى، وصاحب الرؤى الواسعة الأفق. بأن يكون ذكرى يوم التأسيس في 22فبراير من كل سنة.
وعلى يد ملوك المملكة البررة بوطنهم وشعبهم ارتفع البنيان حتى لامس عنان السماء تطورًا وازدهارًا، وبالرؤية الوطنية نستشرف تطلعات قيادتنا الرشيدة ممثلة في خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز المفدى وولي العهد الأمين الأمير محمد بن سلمان المعظم -حفظهما الله- وأعزهما….
قد تصعب الكلمات أحيانًا عن وصف أهمية يوم التأسيس هذا اليوم العظيم من تاريخ المملكة العربية السعودية، إلا أنها تروي لنا أهمية هذه الأحداث التي وقعت وصنعت هذا التاريخ المجيد والعريق والمشرف للمملكة العربية السعودية.
وهذا يؤكد عُمق الوطن تاريخيًا وحضاريًا..
——————-
باحث دكتوراة في القصور الأثرية في مدينة الطائف