رؤية المملكة الطموحة 2030، اهتمت بـ “التعليم”، وجعلت منه محورًا مهمًا من محاورها وركيزة أساسية من ركائزها؛ بهدف التحول إلى المجتمع المعرفي القائم على الثقافة الكبيرة والمعلومات الواسعة؛ حيث أشارت إلى وجوب تطوير التعليم والبحث العلمي، وذلك لكونهما من أهم دعائم الدول المتقدمة التي تسعى للريادة والتميز، وضرورة حتمية من ضرورات المجتمعات التي ترغب في أن تكون في مصاف الأمم المتقدمة والمتحضرة، وذلك بإتاحة فرص التعليم الملائم لمختلف الطلاب والطالبات، وتوفير بيئة تعليمية محفزة على الإبداع، مع العمل المتواصل على توفير العديد من الفرص التعليمية فى الداخل والخارج؛ حيث ابتهج أبناء الوطن وبناتهم المبتعثين، بعدد من الأوامر الملكية التي صدرت في السابق، ومنها تمديد برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي، لخمس سنوات، ومنها كذلك موافقة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، على ما رفعه ولي العهد، صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز – يحفظهما الله –، بإلحاق الطلاب والطالبات الدارسين حاليًا على حسابهم الخاص في الجامعات في جميع دول العالم بالبعثة التعليمية، ضمن برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي، مِن مَن أكملوا الشروط اللازمة، وكذلك صرف مكافأة مالية بمبلغ 2000 دولار لجميع الطلاب والطالبات المبتعثين في جميع دول العالم، وكذلك الدارسين على حسابهم في الجامعات المعترف بها، دعمًا لمسيرتهم التعليمية.
لتتوّج هذه الرعاية وهذا الاهتمام المتعاظم، بإطلاق صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء، رئيس لجنة برنامج تنمية القدرات البشرية – حفظه الله –، في الرابع من شهر شعبان الجاري، “استراتيجية برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث”، لتستكمل جهود قيادتنا الرشيدة – أيدها الله – في تنمية القدرات البشرية، وتحقيق مستهدفات “الرؤية”، وتؤكد الاستمرار في بذل الجهود لرفع جاهزية المواطنين للاستعداد للمستقبل وتعزيز منافستهم عالميًا، ولتمثل مرحلة جديدة للابتعاث، تسهم في تعزيز تنافسية المواطنين من خلال رفع كفاءة رأس المال البشري في القطاعات الجديدة والواعدة، وذلك بما تشتمل عليه هذه “الاستراتيجية” من ركائز ثلاث أساسية؛ حيث تتمثل الركيزة الأولى في التركيز على التوعية والإعداد للمبتعثين، لتسليط الضوء على أهمية تأهيل المبتعثين، للبدء بالتخطيط المبكر لرحلتهم العلمية والعملية في الجامعات الدولية حسب المجالات المختلفة. بينما تعني الركيزة الثانية، بتطوير مسارات وبرامج الابتعاث، والتي بدورها تهدف إلى تعزيز تنافسية المملكة محليًا ودوليًا، من خلال الابتعاث للمسارات التي يتطلبها سوق العمل المحلي والعالمي في أفضل المؤسسات التعليمية حسب التصنيفات العالمية. وتتمثل الركيزة الثالثة، في المتابعة والرعاية اللاحقة للمبتعثين، من خلال الإرشاد وتطوير الخدمات المقدمة لهم، من أجل التعزيز من جاهزيتهم للانخراط في سوق العمل أو المؤسسات البحثية داخل وخارج المملكة العربية السعودية.
كما تضم هذه الاستراتيجية أربعة مسارات، أولها مسار: (الرواد)، الهادف إلى ابتعاث الطلاب إلى أفضل المؤسسات التعليمية في العالم، حسب تصنيفات الجامعات المعتمدة عالميًا في جميع التخصصات. وثانيها هو مسار: (البحث والتطوير)، الذي يهدف لابتعاث طلاب الدراسات العُليا إلى أفضل المعاهد والجامعات حول العالم محققًا بذلك التأهيل والتمكين لتخريج عُلماء المستقبل. بينما يعمل المسار الثالث: (إمداد)، على تلبية احتياجات سوق العمل في تخصصات محددة يتم تحديثها بشكل دوري من خلال الابتعاث إلى أفضل الجامعات. والمسار الرابع والأخير هو مسار: (واعد)، الذي يهدف إلى ابتعاث الطلاب في القطاعات والمجالات الواعدة حسب المتطلبات الوطنية للمشاريع الكبرى والقطاعات الواعدة. علمًا بأن لكل مسار من هذه المسارات مستهدفات واضحة ومحددة يعمل على تحقيقها.
——————-
* أستاذ الهندسة البيئية والمياه المشارك بكلية الهندسة والعمارة الإسلامية بجامعة أم القرى.
0