المقالات

حظٌ عَـظيم

مُكتظّـةٌ هَـذهِ الدُنيا بالاختِلافات التي تَحدُثُ بين الأقربـين، اختِلافًا بين أخٍ وأخيه أو بين ابنٍ وأَبـيه، أو ما شابَه ذلك وما قارَب، لأسّبابٍ دُنيويةٍ بَحتة، وهُمّ الذين مِن المُفّتَرض أن لا يَـتَخلّلَهم عُزوف، بَلّ أن يَكُونوا لِبَعضَهم أولى بالمَوَدةِ وبالمَعروف، والغافِلُ مَن يَعيش الحاضِر ويَنسّى أنّ هُناكَ نِهاية، فَما الغايةُ مِن الحياة إذا لَم يُؤثِر فِينا مَوتَ الآخَـرين؟!

الكُلّ سَيُدركه المَوتُ عَاجِلًا أمّ آجِلًا، فَلِماذا لا نَفّعَل أشّياءً جَميلة قَبل أنّ يَحين ذلك الوَقتُ، والذي سَيَحِينُ بَـغتة، لِماذا لا نَضَع ذلِك نُصّبَ أعّيُـنـنا مَا بَقيّـنا نَـتَـنَـفّس، لِماذا لا نَعيَّ ذَلـك – إلّا مَن رَحِمَ اللّـه – فَـكلُنا نَعرفُ بِأن المَوّتَ لا يعترف بالسّن ولا بالشّكل ولا بالنَسَبْ، وأننا جميعًا سنُعفّر يَومًا ما تحتَ التُراب، وسَيأكُل أجسادنا نفس الـدود.

جميعُ الاختلافات أحوالٌ سيئة، والمُخطئ فيها من يتحمل السيئة، وأسوأُ الاختِلافات هي ما تُخلِفُ وراءها ضَحايا، لا تذرُ من راحتهم إلّا بقايا، لا ذنبَ لهم إلّا أنهم متواجدون على مَسرح الاختِلافات، وجزء لا يتجزأ من المَشهد، يشهدون تصرُفات مُقيتة، يهربون إن احتَدم النِزاع والصِراع، ويتعجَبون مِن الأسبابِ التافِهة التي مِن المُعيب أن تُذكر.

تشمخُ النفوس عندما يكون التعامل مِن الجَميع ومعَ الجَميع على أساس مبدأ الاحترام، لا أن يكون التعامُل زُلفى بهدف قضاء المصالح، فإن أضعف النفوس تلك المُحتقرةُ لِلفَـقير لضعفٍ فيه أو لقلةِ حيلته، والذليلة لصاحبِ الجاهِ لمالٍ عِندهُ أو لِتأثيرِ سُلطانه، بل التَسامي بأن يكون التعامُل مَع الجَميع بِـنَفس مُستَوى الاحتِرام، فإنّ إظهار الاحتِرامَ والتَقدير للآخَرين يُنبئ عن احترامك وتقديرك لنفسك.

كُن مِنَ الذين يدعون ربهم بالغَداةِ والعَشي يُريدون وجهه – عزّ وجَل – فإن يداه مبسوطتان، وازرَع الجَمالَ والحُبَ لكيّ تَحصُد ثِمارَ اللين والسّلام، ولا تـتبع مَن أغفَل اللـهُ قَلبه عَن ذِكرهِ المُـتبعَ هواه، وإنّ لا بُدّ ووجَدتَ مَن يسقُطون في وَحلِ نَزغاتِ شياطين الإنسِ والجن، ورأيتَ مِنهُم ما لا تُطيق، فاستَعِذ باللّـهِ وادفَع بالتي هيَ أحسَن، فإن أنتَ أتـقَنت هَذا النّهجَ فأنتَ ذو حَـظٍ عَظيم.

ودمتم بود

Related Articles

One Comment

  1. عندما يكتب الكاتب من مشكاة القران والسنه المطهر تكون كلماته نور من نور الله
    شكرا مهندس الحرف والكلمه الصادقه

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button