التلوث السمعي في جميع الأوقات يعتبر أحد ملوثات صحة البيئة الأخرى، وتعتبر أصوات الأنشطة الحركية غير المنضبطة ليلًا سواء أصوات تحركات الناس أو أصوات حركة مرور المركبات والدراجات النارية تُعتبر أحد مصادر التلوث السمعي التي تضر بصحة الإنسان وبمصالحه الشخصية والمصالح العامة؛ حيث يعد صوت الضجيج الليلي مصدر إزعاج سمعي يقض راحة المضاجع، ويدك أسوار الطمأنينة ويسلب استقرار هدوء الليل الذي جعله الله لنا بفضله لنسكن فيه كما قال -عز وجل-: ﴿اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا ۚ إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ﴾.
ورغم ذلك إلا أن هناك من لا يستشعر أهمية هذا الفضل الإلهي؛ فيسيء استشعار هذه النعمة، ويلحق الضرر الصحي والبيئي بنفسه وبمن حوله دون اكتراث بما يتسبب به من إزعاج وصخب صوتي من خلال أصوات تحركاته مثل استخدام أبواق المركبات أو رفع أصوات الموسيقى أو أصوات محرك المركبة أو الدراجات النارية أو أي أصوات أخرى مزعجة لا تراعي حقوق الآخرين الصحية والبيئية؛ فالتعرض لصخب الأصوات المزعجة بالليل يخلق مشكلات صحية سيئة، تنعكس على صحة الإنسان؛ حيث يرى بعض أطباء الصحة النفسية والبيئية أن دينامكية دماغ الإنسان الفطرية تستمر في مراقبة الأصوات حتى أثناء النوم؛ لتلقي الإنذارات أو الإشارات الصوتية من أجل تجنب أي مخاطر تهدد أمن وسلامة الجسد وهو نائم، ويرى الأطباء أن التعرض المستمر لإزعاج الضوضاء أثناء النوم يزيد من حساسية يقظة النائم رغم أنه نائم مما يتولد عنه بعض الأمراض النفسية التي ربما لا يشعر بها البعض حينها، ولكنها على المدى المستمر والمزمن تؤدي إلى أمراض صحية نفسية وعضوية بسبب التفاعل السلبي مع الضجيج الليلي الذي يزيد من إفرازات بعض الهرمونات مثل: الأدرينالين والكورتيزول التي تؤدي لتسارع دقات القلب وارتفاع الضغط والسكر، وزيادة الوزن والسمنة والجلطات الدماغية والقلبية وبعض أنواع السرطان؛ بالإضافة إلى الأرق والتوتر العصبي ومشاعر مختلفة من الضيق والخوف والاكتئاب الذي قد يؤدي إلى العدوانية بسبب فقدان السيطرة على قدرات التحكم العقلية.
وحيث إن مدينة جدة مدينة سياحية عالمية بما تحتضنه من مواقع جذب ترفيهية بما فيها الواجهة البحرية بكورنيش جدة؛ ونظرًا لكثافة الإقبال فإن ذلك يؤدي إلى زيادة الأنشطة الحركية، ومنها تحركات عبور المركبات والدراجات النارية، واستخدام أصوات منبه المركبات، وارتفاع أصوات الموسيقى الذي يشكو منه سكان الواجهة البحرية بما فيها الفنادق والمنتجعات السكنية؛ وخاصة في إجازات الأسبوع وإجازات المواسم التي تزداد معها كثافة الحركة المرورية.
ورغم وجود أنظمة ولوائح تحفظ حقوق العامة والخاصة، وتعتبر عدم مراعاة قواعد استعمال منبه أبواق السيارات وارتفاع أصوات الموسيقى مخالفة تتنافى مع الآداب العامة تعرض أصحابها للعقوبات المقررة، ورغم ذلك إلا أن تلك المخالفات لا تزال موجودة وتمارس بشكل فوضوي ومزعج، وهذا الأمر ينطبق ويتكرر في بعض مناطق ومدن المملكة بسبب ضعف تطبيق النظام، وهذا الأمر يعطي انطباعًا وصورة غير حضارية مسيئة خاصة وأن هناك زوارًا وسياحًا من داخل المملكة وخارجها يسكنون في الفنادق والمنتجعات السكنية، وبعضهم أتوا من أجل العمل أو الترفيه أو الاستجمام وإزعاج تلك الأصوات تنعكس سلبًا على أحوال مجيئهم ومصالحهم الخاصة والعامة.
الحلول:
نرجو من أصحاب الشأن والعلاقة من الجهات المختصة دراسة وتنفيذ الحلول المناسبة في القضاء على هذه المشكلة من خلال الآتي:-
1- إعداد وتكثيف البرامج التوعوية الرسمية، وعبر وسائل التواصل واستثمار حسابات المشاهير.
2- استحداث لوحات إرشادية تحذيرية في المناطق السياحية المأهولة بالسكان.
3- استخدام أدوات رقابة ذكية ثابتة ومتحركة.
4- تطبيق أنظمة العقوبات المتدرجة بالمخالفات المضاعفة لمن تتكرر منه المخالفات.
5- التجاوب مع الشكاوي حال تلقي البلاغات.
ما شاء الله موضوع في غاية الأهمية ويستحق التفاعل معه ومعالجته بطريقة صحيحة وتفاعل الجهات المعنية عند ورود البلاغ إليهم