المقالات

لمن يتوجهون!؟

برغم أننا الأقرب والأكثر حرصًا ومتابعةً وعناية، نظلُ نحنُ الأبعد والأكثر رهبةً في أعيُنهم..
هو نمط حياة لا أكثر، فالطبيعي أن يحذر أي صغير من البوح بكل شيء لوالديه.. إلا أني أقف هُنا وألتفت لهذه النقطة وأتساءل…لماذا؟!

هل لأننا قد لا نفقه ما يدور بدواخل أنفسهم الصغيرة؟!
هل لأننا قد نردعهم ونصرخ في وجوههم؟!
هل لأننا سنقابل الاعتراف والمصارحة بالهجوم والاتهامات؟!
هل لأننا نتوقع منهم المثالية وقد لا نكون وضعناها أصلًا في تربيتهم؟!

كل ما سبق هو حقًا مايدور في عقول الأطفال (مهما كانت أعمارهم)؛ لأنه وببساطة الأم التي قد تصرخ أو تضرب أو تعاقب من أجل نظافة المنزل أو كوب مكسور أو ملابس متناثرة، كيف ستكون ردة فعلها حين الاعتراف بشيء مشين (كاتجاه معين .. انحرافٍ أخلاقي.. معلومةٍ عن شيءٍ ما من هنا أو هناك .. أسئلةٌ قد تُطرح ليست بالعمر المناسب.. ما قد يُثيره الزملاء أو الزميلات في صفوف الدراسة من استنكارٍ أو إعجابٍ بأي شيء…والكثير جدًا من ما قد نعلمهُ أو نجهله).
حقًا هم مساكين ومكسورون ونفوسهم هشة، ولهم الحق بالايواء، ولهم الحق بالاحتواء.
(عمرها عشر سنواتٍ فقط، وتُنادي بالمثلية والحريه وتحرض زميلاتها ليكون نهجهم واحدًا، وتخاف أن تطرح فكرها وما تعلمته وما هي في طريقها لاقتباسه نهجًا على ذويها) لماذا تخاف؟!

لأن من لقّنَها هذا النهج (حذرها من أهلها ومن كل كبير قد تلجأ له لتفهم ولتحلل) بل وعلمها أن هناك من تشكو له من والديها وأقربائها وعلمها كيف تفتري عليهم وتمثل دور الضحية؛ ليكون تهديدًا صريحًا باتهامهم أنهم ليسوا أهلًا للتربية أو أمنًا لوجودها بينهم.
**
أصبح نهج أبنائنا نهج القطيع الذي يِساق، وهو مُغمض العينين ومطموسٌ على عقله.
**
والمتعارف عليه دومًا وأبدًا أن الأطفال ينجذبون لكلِ جديد وكل غريب، وكل من تقع عيونهم عليه فيبتسم أو يمدح أو يطفي على يومهم البهجة؛ فتجد الصغار معجبين جدًا بمعلم أو معلمة تبدأ يومهم بالحماس .. الضحك .. التشويق.. النشاط؛ فيبدأ يومهم بالإيجابية المطلقة، وتبقى هذه الطاقة طوال اليوم ..وربما طوال فترة دراسته ..

**
اليوم هم يستقون طاقاتهم من أبطالٍ مزيفين .. تُحيطهم الأضواء التي إن انطفأت لن يكون لهم وجود ..
**
رفقًا بمن يجهلون (لأنهم مازالوا يكبرون وما يتعلمه صغارنا اليوم سينعكس على مستقبل الغد).
ادعوهم للجوء للداخل (داخل مدرستهم ومعلميهم وداخل أسرتهم ومنزلهم)، خصصوا التوجيه لعدم الصمت والبوح بالاستنكار عن ما يدور بالعقول ..
اتركوا لهم مساحةً للتذمر والاستفسار والاستياء أو الاستحسان، استقبلوا ما تقوله ألسنتهم ويدور في عقولهم استقبال الحامي لكلٍ لاجئ يبحث عن بر الأمان والطريق السوي…

دعوا أبناءكم يشكون منكم لكم .. وتلاميذكم يلجأون لكم..هذا أفضل للجميع من أن يكون ملجأهم للخارج (لكل مستنسخٍ مُسير، ينادي بأسوأ الاخلاقيات ويدمر القيم، ويطغى بفكره الضال حتى على الفطرة).

***

أستاذتي وأستاذي أيها الآباء والأمهات .. علموهم أن اللجوء للداخل هو الأصلح، وأننا معهم ونحبهم ونسعى لأن يكونون الأفضل وأننا نتقبلهم بكل شيء، سنُنمي كل جميلٍ ونقضي على كل قبيحٍ معًا أيديهم الصغيرة عونًا لأيدينا التي أشغلتها الحياة، وعقولنا تُساند عقولهم نُعلمهم، ونتعلم منهم ونساند بعضنا لنحيا بقلوبٍ مطمئنة وعقولٍ قانعةٍ بكل نهجٍ صحيح.

—————-

@ReemFaleh8

Related Articles

One Comment

  1. الموضوع جميل جدا وحساس ومكرر داخل ٩٩٪ من البيوت والأسر، ولكن طريقة الاحتواء تحتاج لشرح مفصل اكثر، تحتاج نقاش وندوات، تحتاج اقرار من انفسنا، تحتاج جلسات مع اطفالنا ليبوحوا بما يجول في خواطرهم، يحتاج من الاعلام توعية لمشاكل وافكار تدور بيننا ويرعاها بعض من اصحابنا ومعارفنا، ينشرها بعض الكتاب ضمن اطروحاتهم، يفرزها تويتر وفيسبوك وتيك توك تحت أسماء ملمعة. الخلاصة احسنت.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button