المقالات

التنمية الريفية ومتطلبات الأمن الغذائي

يعد الأمن الغذائي هاجسا مقلقا لدى الكثير من الدول التي تعتمد اعتمادا كليا أو جزئيا على الاستيراد من دول أخرى، كون ذلك يحدوه عدة مخاطر محتملة – سياسية أو اقتصادية أو بيئية- قد تكون سببا في انقطاع ضخ الاحتياج الكافي وبالتالي تصبح معضلة تهدد بأزمة نقص الإمدادات أو التموينات أو نفادها، وبما أن الأزمة الأوكرانية تعد نذير شؤم تعود بالضرر على مستوردي القمح كونها أحدى البلدان المنتجة لهذا المحصول المهم، فإن ذلك يعد جرس إنذار لدولنا الخليجية وللسعودية على وجه الخصوص بأن تسخر إمكانياتها وتستثمر مقوماتها لقيام نهضة زراعية تحقق الاكتفاء الذاتي وفقاً للتنوع البيئي والخصب الزراعي والتغير المناخي من منطقة لأخرى، الأمر الذي يتطلب بناء خطة وطنية شاملة تقوم على دراسة مستفيضة لمواءمة المزروعات وتكيفها وتوزيعها على المناطق المناسبة لضمان الجودة والكم والاستمراية، مع إيجاد بدائل لشح المياه الجوفية حالما تكون هي المعضلة، وذلك بالطرق الحديثة كـ الاستمطار الصناعي أو التوسع في إنشاء السدود للحفاظ على مياه الأمطار لفترة أطول أو لضمان تغذية الآبار الجوفية، وكذلك الاستفادة من تحلية مياه البحار أو المياه الرمادية وغيرها مما يجدر بالمتخصصين البحث أو ابتكار طرق تكفل إيجاد بيئات صالحة للزراعة أو الاستزراع المائي!!
وبما أن المملكة العربية السعودية تعد قارة مترامية الأطراف فإن الحاجة تكون ماسة لتحقيق الإكتفاء الغذائي مع أزدياد أعداد السكان بصورة مضطردة إضافة لما يكتنف دول التصدير من اضطرابات سياسية أو حروب وصراعات مهددة بتوقف ما يعوزنا من متطلبات غذائية.
وهنا أوكد على القيمة العظمى للثروة البشرية التي تنعكس على الاقتصاد بوجه عام والزراعي بخاصة؛ كونه مهنة شريفة ومهمة تتطلب سواعد وطنية تعمل في هذا المجال حال توفر المعينات والمحفزات التي تجعلهم ينخرطون بشغف ودافع ذاتي ينتعش معه النشاط الزراعي والإنتاج المصاحب ليكون رافداً وطنيا وعائدا ذا قيمة فردية ومجتمعية رائدة.

وبما أن الشيء بالشيء يذكر فإن إزدهار الحركة الزراعية تقود للاهتمام بالثروة الحيوانية وتوسعها لتكون هي الأخرى الوجه الآخر للأمن الغذائي النباتي كتكامل يتحقق من خلاله التوازن البيئي والمتطلب الاستهلاكي بمخرجاته المتنوعة والمتعددة!!

وبين المخاوف من بقائنا رهنا لاستمرار وصول التعزيزات التموينية من بلدان المصدر وبين أن نحقق الاعتمادية الذاتية ينادي منادي الوطن: أن اعتماد المهن الزراعية وتربية المواشي قيمة وضرورة حتمية يتطلب عدة دعائم منها:
⁃ التوسع في فتح المعاهد الزراعية في مختلف مناطق المملكة لتأهيل الشباب للعمل وفق أسلوب علمي وبرؤية واضحة مبني على رغبة جامحة وشغف بالممارسة والانتاج.
⁃ إنشاء مكاتب استشارية واشرافية متخصصة لمساعدة المزارعين في اختيار أنواع الزروع وفقا لطبيعة التربة وتغير الطقس، مع معالجة ما يعترضهم من مشاكل تهدد مزروعاتهم أو تقوض جهودهم.”
⁃ ضرورة تقنين دعم سخي ومعونات أو مرتب مجزي ليجد المزارعون ومربو الماشية الغبطة والأمان والإعتزاز بهذه المهنة كعمل حر ورافد مهم ومصدر ثري مفتوح يقود لتحسين الحالة المادية ولربما الثراء لعوائده المجزية لتزايد الطلب عليها كعناصر استهلاكية مستمرة دون توقف.
⁃ الاهتمام بصورة موازية بمربي المواشي التي تتطلب جهدا وتفرغا للعناية والرعاية سواءً اللاحمة أو المنتجة لتشجيع العمل لتنمية هذه الثروة المهددة بالتناقص جراء العزوف عنها أو لما يطرأ من أمراض تؤدي لنفوق أعدادٍ كبيرة منها.
⁃ الاهتمام بالنحل والنحالين لما للعسل من قيمة غذائية مهمة، ولما يلاحظ من تناقص أعداد النحل بصورة ملفتة وفقا لشكاوى العديد من النحالين، وما تؤكده بعض التقارير الإخبارية.

أخيرا:
لا يخفى على الجميع الجهود الكبيرة والبذل السخي الذي توليه حكومة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين لتنمية وتشجيع القطاع الزراعي الذي ظهر أثره في ذلك النتاج المستفيض في كل من تبوك والقصيم وجازان والعديد من المناطق إلا أننا مازلنا نطمح في المزيد والمزيد وبما يحقق رؤية سيدي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في أن يتحقق لنا شعار (السعودية الخضراء) واقعا معاشا نتفيأ ظلاله ثمرا جنيا وعطرا زكيا ونسيما عليلا يرفدنا بتهاليل الخير والنماء!

Related Articles

One Comment

  1. إدراج الزراعة مادة اختيارية أو نشاط بدءا من الصفوف الأولية .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button