قال صاحبي: ما مستقبل علاقات اليمن بمجلس التعاون، هل ضاعت الفرص، أم بدأت، وحان استثمارها، كيف يتحقق ذلك، ومتى، ومن المسؤول عن تحقيقها؟!
تتميز علاقات دول الخليج العربي باليمن، بمشتركات كثيرة منها: الدين، والجوار، واللغة، والعادات والتقاليد، وهو ما حفَّز على إشراك اليمن في عشر مؤسسات خليجية، متخصصة تعمل تحت مظلة مجلس التعاون الخليجي، انطلاقًا من رؤية المجلس الأعلى للدول الخليجية، لمكانة اليمن كشريك مهم واستراتيجي في الجزيرة العربية.
مجددًا تفتح دول الخليج العربي مظلتها لليمن، من أجل حاضره ومستقبله، بدعوة الأمانة العامة للمجلس كافة الأطياف للمشاورات اليمنية، تنفيذًا لمخرجات القمة الخليجية الثانية والأربعين، التي أكدت على أمرين في غاية الأهمية، هما: الحل السلمي، والحرص على دعوة كافة الأطراف اليمنية، إذًا كلمة السر في هذه المشاورات هي مستقبل اليمن بيد أهله ورجاله، من خلال تلبية هذه الدعوة الكريمة، وعدم تفويتها، فالفرص لا تتكرر غالبًا.
دول الخليج العربي هي الأقرب لليمن، وتربطهما علاقات تاريخية، واستراتيجية، وفي لقاء تليفزيوني قبل ثماني سنوات تقريبًا، وقبيل انطلاق عاصفة الحزم، تمنيت على اليمنيين الاستجابة للمبادرة الخليجية، وآلياتها التنفيذية، وحذرت من اللجوء للأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الدولية، التي تحرك المشكلات، ولا تحلها، وذكرت أن اللجوء لهذه المنظمات سيدخل اليمن في نفق له بداية، وليس له نهاية، من خلال تقديم الحلول – إن جاز وصفها بالحلول- المُعلبة، التي تضر ولا تنفع، وستتحول اليمن إلى ميدان يتسابق فيه مناديب منظمة القلق العالمي إلى تنفيذ أجندات خاصة.
دول الخليج العربي قدمت الدعم الاقتصادي السخي لليمن، وعلى سبيل المثال في مؤتمر لندن 2006 للمانحين ساهمت الدول الست وحدها بـ 50% مما قُدم في ذلك المؤتمر، فضلًا عن المساعدات الخاصة التي قدمتها كل دولة خليجية من أجل تنمية اليمن وازدهاره، وشملت التعليم، والصحة، والصناعة، وغيرها، كما أن المساعدات الإنسانية لليمن مستمرة من أجل التخفيف عن معاناة الأشقاء في اليمن، عبر المؤسسات الخيرية الخليجية.
وكما دعمت الدول الخليجية اليمن اقتصاديًا وإنسانيًا؛ دعمته سياسيًا في جميع المحافل الدولية، والمنابر السياسية، رافعة لواء الحل السياسي للأزمة اليمنية، بدءًا من المبادرة الخليجية، إلى مؤتمر جنيف 2015 ثم مؤتمر الكويت 2016، مرورًا باتفاق استكهولم 2018، ثم اتفاق الرياض2019، والمبادرة السعودية 2021، والجهود العُمانية، وغيرها من دعوات صريحة ومستمرة من قادة الخليج لليمنيين أنفسهم، وللمجتمع الدولي بالتحرك من أجل الحل السياسي لهذه الأزمة.
هل سيحضر الحوثي؟ هذا هو السؤال الأكثر تكرارًا منذ دعوة مجلس التعاون الأشقاء اليمنيين للاجتماع في الرياض من أجل التشاور، الإجابة على هذا السؤال يحتمل الأمرين، ولكن الأقرب أن الحوثي أرسل رده بالمسيرات، والصواريخ التي استهدفت الأعيان الاقتصادية والمدنية السعودية، كما فعل من قبل في رده على المبادرة السعودية!. مما يؤكد أن ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران، ليست طرفًا معنيًا بالسلام أو تحقيق الاستقرار في اليمن والمنطقة، بل ذراعًا تنفيذيًا لمشروع إيران التخريبي لضرب الاستقرار والأمن الإقليمي والدولي.
ومن خلال ممارسات هذه المليشيا العدائية التي ترتقي لجرائم حرب، مع الداخل اليمني تحديدًا، تولدت قناعات لدى المجتمع اليمني بأن الحوثي ليس مؤهلًا للتفاوض، ولا يمتلك قراراته، فالعصمة ليست بيده، فهو ليس أكثر من أداة عقائدية، مسلوبة الإرادة، وكل مزاعمه ومشاركاته في مشاورات السلام، من أجل تبييض صفحته فقط، وفي الواقع يقامر باليمن وأهله لكسب المزيد من الوقت، فرحابة اليمن وتنوعه أكبر من أن تحيط بها عمامة الصفويين، وأتباعهم.
هذه المشاورات التي دعت إليها الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي، بدعم من قادة دول المجلس، تدعو اليمنيين لتفعيل سلاح الحوار، والتخلي عن حوار السلاح، والنظر لليمن بالعين الواسعة الخالية من المناطقية، والمذهبية، والقبلية، وهي فرصة ذهبية، من حيث توقيتها، ومن حيث الإرادة الخليجية لانتشال اليمن من مأساته، ومساعدته على التعافي، والعودة الطبيعة لليمن للانخراط في محيطة العربي، وتاريخية، فالتاريخ سوف يحفظ للأجيال القادمة هذه الخطوة الاستراتيجية التي قادها رجالات اليمن من أجل عودة اليمن سعيدًا كما كان.
قلت لصاحبي:
لا مكان لمن يرغب في الحضور بأجندات واشتراطات مسبقة.