المقالات

نَـوَى

ما هي القـوةُ التي تُحفِزك؟، القوةُ التي تُحركُ فيك الإرادة، تُلازمُك أينَما ذَهـبـت، تَلحـظـُـهـا في مَـلامـح وجـهَـك إن رأيـتَـه نَـظِـرًا مُـشرِقـًا مُتهلـِلًا، أو رأيتـَه مُرعِدًا مُزبـِدًا مُكفـَهِرًا، القوةُ التي تـَسلُك بِـك طريـق الـخَـيـر أو طريق الـشَّر، ولو كـانت الأبصارُ تُدركـها فـإنـكَ سَـوفَ تَـراهـا نُـورًا يُشرقُ أمَامَك ضَوءَه مُتلألئٌ وَضّاحٌ كضَوءِ الشَّمس، أو تَراها لَيلًا مُرخِيًا سُدولَه مُـظـلِمٌ حـالِكٌ دَامِـس.

حَسب خَيارَاتِك وقَراراتك يُمكِـنُها أنّ تُـجَرِدَ فيكَ الحَقائق أو تَكشِف مِنكَ الأكـاذيب، يُـمكِـنـها أنّ تُـظـهِـرَ فـيكَ الإبـتِـسـامَة، أو تُـبـدي مِنكَ التَـجَهُم، يُمكِـنُها أنّ تَـرفَعكَ حينَ تُـساهِم مَعكَ في تَخَـطّي العَوائق التي تُـواجِـهُها حَـتماً، أو تـخذِلكَ إذا جَـعَـلت بَـيـنَـكَ وبَـيـنَ أهـدَافـكَ رَدمـًا، تَـرتَـقي مَعها عنانَ الـسَّـماء لِــتَـرى بِـها مَـدّ البَصَر في كـافَّة الاتِجاهات، أو تَـغُـوص بِكَ في أعـمـاقٍ مُـظـلِـمَـةٍ حَـتّى إذا أخـرَجـتَ يَـدكَ فـيـهـا لَـم تَـكَـد تَـراهـا.

هي سَـحـاب ركـام تسقـيك أمـطاره، ‏أو نَـهر جـارٍ يَـجرفُـك تـيـاره، قَـد تَصولُ بِها كأنّكَ غَيّثٌ أينَما وَقَعَ نَفَع، ‏أو تَجولُ بِكَ فَـظًّا غَليظَ القَلبِ ليسَ لَك في الصّدورِ مُتسَع، هي دَرعٌ يَحميكَ ألّا تَكونَ لِغيرك هَدف وهي سِلاحٌ فَتّاكٌ ذَخائرهُ لا تزيغ ُ للأسف، هي هِمّةٌ وتَفَرُد، هي إصّرارٌ وتَرَصّد، تَأثيرها فَعّالٌ على ضَميرَك بِـحيثُ تَجِدهُ يهِيمُ بِفَرَحٍ وافتِخار، ودَويّـها زِلزالٌ على قَلبك بِحيث تَجّعَله يَخفِقُ خَفَـقانًا شَـدِيّدًاحتى تَـظُنّ أنّهُ يَكاد أنّ يَتمَزّق.

قَد تَـتحَوّل بِـها مَعاني جَميلةٌ إلى مَعاني مُـريعَـة، ‏قَـد يَـتحَوّل بِها السَلام إلى مَعامِع، والشجاعَة إلى تَهوّر، والثِقة بِالنّفس إلى تَكبـُّر، والتَواضُع إلى ضَعـف، ‏والإحـتِرام إلى نِـفاق، والكَـرم إلى إسّراف، ‏والعدل إلى إجّـحاف، والـعِـبادات إلى ريـاء، ومـيزانٌ لا يَـقـبلُ الـتطـفيف إلى حـد قـاطِع كـحـدِ السَيف، ونـعيمٌ تَـراه بِـكامِل زيـنَـتـه إلى جَـحيمٌ تَـكادُ تَـمَـيّزُ مِـنَ الـغَـيـظ.

ومَهما بَلَغَت هَذِه القوة مِن قوة فإنه بِإمّكانك مُراقَبَـتها وتَـتَـبُـعُها، يُمّكنك اللّحاق بِـها واصّـطـيادها، ‏يُـمّـكنك الـتَـغَـلُب عَـليـهـا، بل يُـمّـكنك تَرويضها والتَحكّـم فيها وتَـوجِـيهـها كـيفما أردت، حاوِل دَائماً أنّ تَسّـتَشّـعِرها مِنكَ فَـمَـحلّـهـا الـقَـلب، وادع الـخَـالِـق الـواحِـد الـمَنان أنّ يُـصلحـها لَك، وذلك بِـأنّ تُـرَدِد دائمًا وفي كُـل حـيـن: ‏الـلـهـم أصّـلِـح لي الـنِـيّـة، اللـهم أصّـلِـح لنا الـنِـيّـة، ‏فـإنّـمـا الأعـمـال بِـالـنِـيّـات، وإنّـمـا لِكُـلِ امـرئٍ مـا نَـوَى.

ودمتم بود

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button