يُجسِّدُ إطلاق سيدي صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية – رعاه الله -، أكبر توسعة في تاريخ مسجد قباء، وتطوير المنطقة المُحيطة به، وتسمية المشروع باسم مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز – حفظه الله – ما توليه قيادتنا الرشيدة – أيدها الله – من عناية فائقة ورعاية كبيرة لبيوت الله، وفي مقدمتها الحرمان الشريفان، وبالأخص المساجد التي تحظى بمكانة روحية ودينية وتحمل عُمقًا تاريخيًا كمسجد قباء، لتُسهم هذه التوسعة التاريخية الضخمة، في التيسير على قاصدي مسجد قباء للصلاة فيه، عملًا بسنة المصطفى عليه الصلاة والسلام، وفي الوقت نفسه تؤكد أن هذه بلادنا المعطاءة قد دأبت – ومنذ تأسيسها -، على بذل الغالي والنفيس لخدمة دين الله والعناية بقاصدي بيوته، كما تُكرِّس رسالة المملكة في خدمة الإسلام والمسلمين والعناية بالإرث التاريخي والحضاري الذي تحمله بعض المسجد كمسجد “قباء”، وبالتالي ترجمة إحدى مُستهدفات برنامج خدمة ضيوف الرحمن، الذي يُعدُّ أحد ركائز رؤية المملكة الطموحة 2030 وبرامجها التنفيذية، مع تحقيق محور جودة الحياة.
مشروع الملك سلمان لتوسعة مسجد قباء وتطوير المنطقة المُحيطة به الطموح، والذي توِّج بمباركة مجلس الوزراء في جلسته التي رأسها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود – حفظه الله -، في جدة بتاريخ 12 رمضان 1443هـ، يُعتبر أكبر توسعة في تاريخ مسجد قباء مُنذ إنشائه في السنة الأولى من الهجرة، وتهدف أعمال التوسعة والتطوير، إلى استيعاب أكبر عدد ممكن من المصلين في أوقات المواسم والذروات، وإبراز الأهمية الدينية وتوثيق الخصائص التاريخية لمركز قباء، والحفاظ على طرازه العمراني والمعماري، وحماية المعالم التاريخية الموجودة بالقرب من المسجد والمحافظة عليها، والهدف الرئيس يتمثل في زيادة مساحته الإجمالية من 5.035 مترًا مُربعًا إلى 50 ألف متر مُربع، بواقع 10 أضعاف مساحته الحالية، وكذلك رفع طاقته الاستيعابية لتصل إلى 66 ألف مُصلٍ، وذلك لسد الفجوة بين الوضع الحالي وحجم الطلب المتزايد، كما يشتمل المشروع على تطوير وإحياء المواقع التاريخية لتشمل 57 موقعًا تغطي العديد من الآبار والمزارع والبساتين وتربط ثلاثة مسارات نبوية. ويرتكز المشروع على ربط مسجد قباء الحالي بساحات مظللة من الجهات الأربع، متصلة وظيفيًا وبصريًا بمصليات مستقلة غير ملاصقة بنائيًا لمبنى المسجد الحالي، مع توفير جميع الخدمات اللازمة والتابعة للمسجد، كما سيتم رفع كفاءة مبنى المسجد القائم حاليًا بمنظومة الخدمات المصاحبة له، وتحسين شبكة الطرق والبنية التحتية المحيطة لرفع كفاءة التفويج وسهولة الوصول للمسجد وإيجاد الحلول الجذرية للزحام وتعزيز أمن وسلامة المصلين، إضافة إلى تطوير وإحياء عدد من جملة المواقع والآثار النبوية ضمن نطاق المسجد وساحاته، وجميع هذه الأعمال الهندسية والإنشائية، ستعمل على رفع كفاءة هذا المعلم التاريخي الإسلامي، بهدف إثراء تجارب أهالي المدينة المنورة، وحجاج البيت العتيق والزوار، التعبدية والثقافية عبر المواقع التاريخية.
وليُجسِّد هذا المشروع الطموح، ما يحظى به مسجد قباء من أهمية دينية ومن مكانة عبر التاريخ، وما تمّ فيه من توسعات على مرِّ العصور، وبصفة خاصة في العهد السعودي الزاهر، ومنذ عهد الملك الباني المؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود – طيب الله ثراه -، وأبنائه الملوك البررة من بعده، والتي تُعدُّ امتدادًا لما لقاه من عناية بدءًا من العهد النبوي الشريف، مرورًا بالعهد الراشدي والأموي والعباسي، وغيرها من عصور وحقب زمانية.
ختامًا؛ أسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعل ثواب هذا العمل الصالح وما يُقدّم للإسلام والمسلمين، في موازين حسنات مولاي خادم الحرمين الشريفين، وسيدي سمو ولي عهده الأمين، وأن يجزيهما عليه خير الجزاء، وأن يحفظهما وبلادنا وسائر بلاد المسلمين، وأن يُديم على بلادنا الغالية تقدمها ورقيها وازدهارها، وأمنها واستقرارها..