أسألك أيها الفاضل أي إنسان أنت يحتمل أعتى هبوب الصدمات، أسألك أيها السعيد أي إنسان أنت يحمل بين أركانه كل هذه المآسي، أسألك أيها المتفائل أي إنسان أنت يواجه الرياح العاتية بابتسامات دافئة. وأسألك بربك أي إيمان سكن وركن في أدنى وأقصى جنبات نفسك فألبسها كل جمال هذه السكينة، وأسألك أي صبر احتواك من أعلاك حتى أطرافك فأعطاك الهدوء التام، وأي يقين صاحبك فزادك اطمئنان أيها الصابر. حيرت والله كل حواسي فعلى الرغم من أنني شاهدتك ماثلا أمامي فلم أكد أصدق أني أراك يوماً صامداً بعد الآلام العابرة، حيرت كل مداركي على كل ماحدث فحتى الآن لم استطع أن استوعب كل ماكان وما قد يكون، حيرت كل ملامح استفهاماتي فلم أجد حتى اللحظة جميع تفاصيل إجابات ظنوني الحائرة أصلاً.
قد ضاق المكان عليك بما حملت من هموم فجعلت من همومك سلم عال لعنان السماء، وهناك سابقتك الأنظار الجارحة في أول لقاء فرددت نظراتها خيبة وانكسار، وهناك أيضاً لاحقتك الألسن الخبيثة في أول مصادفة بينكما فطهرتها بجمل النقاء والصفاء.
أكاد أجزم لو أي إنسان مر بتجربتك القاسية لا..انهار من أول لحظة، أكاد أجزم لو أي أحد من البشر خاض غمارك لا..سقط من أول تجربة، أكاد أجزم لو أي شخص تعرض لما تعرضت له من الألم المضني لما بقي شعرة من ميزان عقله. أراك متبسما فأجدك تسعد كل من حولك وكأن شيئاً من السوء لم يكن، أراك متوثبا فأجدك تبادر بالمعروف وكأن شيئاً من ذلك الكدر لم يحل عليك، أراك متأملا في كل حين وقد ارتقيت العلياء من جديد وكأنك في ريعان شبابك وأنت كذلك لجمال روحك وحسن خلقك.
أنت درس ناجع لكل بائس يرى أن الحياة قد أغلقت أبوابها في وجهه فتجاوزها، أنت مثال ناجح لكل تعيس يرى أن كل خطواته تعثرت ولا يستطيع السير خلالها ومن ثم تخطاها، أنت كتاب تقرأ كامل صفحاته بعناية لكل جاد على عتبة الطموح البعيد.
إن من المؤكد أن الإيمان إذا خالط أعماق نفس الإنسان وأنفاسه فحينها سوف يستحضر تلك الكلمات الخالدة ويستيقنها: “واعلم أن ما أخطأك لم يكن ليصيبك، وما أصابك لم يكن ليخطئك” فعلى هداها ونورها يبني كل آماله في هذه الدنيا، أما أنت أيها الفاضل فكل الدعوات لك بالتوفيق والسداد.