يقدم لنا الله – عز وجل- فرصة استثمارية عظيمة مكانية وزمانية أو الاثنين معًا، للتجارة معه بثمار للدنيا والآخرة بأجور مضاعفة بعشرات المرات عن الأوقات والأماكن العادية. فرمضان سوق مفتوحة لجميع العبادات الخاصة برمضان والعامة من بقية الشهور. كما أنه مركز صحي للعلاج بالصيام لشفاء الأجساد والسمو بالأرواح.
وهو فترة للتأمُّل والتدبر والتعقل، والتفكر والاقتناع وتحكيم العقل بمنطق الصيام، والاقتناع بقدسية المناسبة وعظمة الخالق ورحمته بعباده للتزوَّد بالأجور الوفيرة من الأعمال الكثيرة المضاعف أجرها عن غيرها من أوقات السنة.
ففي رمضان تنبعث المشاعر الجياشة المليئة بالإيمان، والمتجسدة بالود والمحبة والرحمة، والشفقة والإيثار، وتقمص المشاعر والأحاسيس ثم التفاعل معها والتعبير عنها بالبذل والتضحية، وتفعيل المروءة بمشاركة الناس مشاعرهم وتقدير شعورهم، والعلم بحاجاتهم بتلبية احتياجاتهم، وتزويدهم بما يحتاجون للارتقاء بمستوى معيشتهم، من خلال الزكاة والصدقة والهدية المادية والعينية.
ورمضان يشمل كل مراتب الدين وهي: الإسلام بأركانه الخمسة، والإيمان بأركانه الستة، والإحسان بركنه أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك. هذه المراتب كلها تكون لدى المسلم الإيمان العميق والتقوى الصادقة والممارسة الفاعلة؛ لأنه في رمضان يكون قد مرَّ المسلم بدورة مكثفة لتغير العادات إلى عبادات طاعة لله وليس حركات بالجسد مجردة.
كل ذلك يجعل المسلم يعمل وفق أوامر الله بإخلاص مما جعل العادات تتحول إلى عبادات تمد الإنسان بالطاقة العقلية والروحية والجسدية والعاطفية، وتحكم الغرائز الجنسية. ليجني ثمرة ذلك بالعتق من النار والقرب من الرحمن. ويأتي العيد ليمثل استراحة جسدية يتغذى فيها الجسد بالطعام، ومناسبة اجتماعية تتغذى فيها المشاعر بمختلف اللقاءات الاجتماعية بالناس من صلة رحم وحقوق لجيران وأصدقاء، والاستمتاع بمباحات الحياة، واستمرار مسيرة الطاعات التي تمثل جزءًا كبيرًا من ثمار الإخلاص فيها استمرارها بعد رمضان، ليكون العبد ربانيًا وليس رمضانيًا. كصيام الست، وممارسة العبادات بروح رمضانية راقية، لإحداث نقلة نوعية في حياتنا نستمر عليها طوال العام، ونستمتع بها طول العمر، تقبل الله منا جميعًا الطاعات، ووفقنا للاستمرار في العبادات لزيادة الأجور والحسنات.
عضو هيئة التدريس بقسم الإعلام – جامعة أم القرى
0