لا أدري لماذا تذكَّرت هذا الشطر الذي جاء ضمن كلمات قصيدة غنائية ما زال يتردد صداها على ألسنة الناس مع كل لحظة معاناة تمرُّ فيهم سواء كانت تلك المعاناة عاطفية أم اجتماعية، ولا أعلم هل هذا التذكر كان بسبب ارتفاع درجات الحرارة التي تخطت هذه الأيام حاجز الأربعينيات المئوية، وأصبحت لا تُطاق، أم أنني تذكرت هذا الشطر بعد الأنين الذي سمعته في أوساط الكثيرين من المحيطين بي نتيجة لحمى ارتفاع الأسعار وموجة الغلاء العارمة التي أصابت كل جوانب الحياة المعيشية والاقتصادية؛ حيث أصبح غلاء الأسعار حديث المجالس دون منازع، فقد تجاوزت تلك الارتفاعات كل الحدود، وتحولت إلى ما يشبه العدوى الفيروسية التي أصابت جميع المنتجات الاستهلاكية
دون أي استثناء.
وتكمن المشكلة في أن ارتفاع الأسعار لم يطل الكماليات فقط، والتي يمكن للفرد أن يعيش بدونها؛ حيث كان الكثير من العاجيين يرون أنها السبب الرئيسي لهدر الرواتب وضياع الأموال، إنما طال الغلاء غالبية السلع الأساسية التي لا غنى عنها بشكل يومي، كالبيض والدجاج والألبان ومشتقاتها والمستلزمات الطبية وكافة الاحتياجات الأسرية اليومية، حتى إن هذه العدوى شملت أسعار المواشي بكافة أنواعها، مما جعلنا أمام مشكلة كبرى وقع ضحيتها أصحاب الدخل المحدود؛ خاصة أولئك الذين ليس لهم دخل إلا مرتباتهم التي يستلمونها نهاية كل شهر ثم يقومون بتوزيعها خلال يومين أو ثلاثة على فواتير الكهرباء والماء والهاتف والبقالات والتزامات القروض البنكية وإيجار السكن. فإذا نفد الراتب بدأوا يضربون كفًّا بكف، وهم يرددون في حسرة في كل ليلة (اتقلب على جمر الغضا) فيبقون على هذا الحال حتى يأتي موعد الراتب الآخر.
والمثير للاستغراب أن هناك بعض المحلات التجارية ما زالت تعرض تخفيضات إلى خمسين في المئة، وأكثر أو أقل، مما يجعلنا نتساءل: هل من المعقول أن هذا التاجر قد ضحى بماله حبًّا في مساعدة الآخرين، أم إنه لا يزال يربح حتى بعد هذه التخفيضات؟! وكأنه يقول: مصائب قوم عند قوم فوائد؛ فقد بات المستهلك لا يثق في كل الأطراف التي تدير قوته اليومي؛ خاصة بعد موجة الارتفاع الشديدة في أسعار معظم السلع دون أن يكون هناك تدخُّل واضح من الجهات المعنية.
وختام القول.. فإنه ومن باب التيسير على الناس في الحصول على احتياجاتهم اليومية من الطعام والشراب بكل يسر وسهولة؛ فإننا ما زلنا نأمل من مجلس الشورى ووزارة التجارة متابعة حمى الغلاء في الأسعار، والخروج باقتراحات وتوصيات من شأنها الوقوف مع ذوي الدخل المحدود ولجم جشع التجار وإعادة الأمور إلى نصابها الصحيح، وضرورة إقرار إجراءات تضع حدًّا لهذه الظاهرة التي قصمت ظهور المواطنين؛ وذلك بوضع خطة استراتيجية واضحة لعلاج الأسباب المؤدية إلى هذا الغلاء، وضبط الأسعار، وإيجاد عقوبات محددة وصريحة ضد مرتكبيها.
وخزة قلم:
رغم التحديات التي واجهناها أثناء جائحة كورونا إلا أن جشع التجار وجنون الأسعار لم يصل إلى ما وصل إليه في هذه الأيام !
مبدع دائماً بارك الله لك في علمك