يوجد العديد من المراكز البحثية في الجامعات العربية والغربية التي تهتم بدراسة تاريخ المملكة العربية السعودية منها: مركز تاريخ مكة المكرمة بجامعة أم القري، ومركز دراسات تاريخ الجزيرة العربية وحضارتها جامعة الملك سعود، ودراسات أقسام التاريخ بالجامعات السعودية، وعندما يقبل طلاب الدراسات العُليا التسجيل لدرجة الماجستير والدكتوراة يحتاجون إلى معرفة ما إذا كان موضوعهم تم دراسته أم لا. مما يؤكد أهمية الدراسة التي صدرت مؤخرًا عن جامعة الإمام محمد بن سعود بالرياض بصدور كتاب هام يحتوي على كل أسماء الرسائل العلمية (الماجستير والدكتوراة) التي أجيزت عن تاريخ المملكة العربية السعودية في العصر الحديث والمعاصر في الدول العربية والغربية بعنوان (تاريخ المملكة العربية السعودية في الرسائل العلمية والغربية وراقية, ودراسة تحليلية) للدكتور عبدالرحمن أحمد فرج. الحقيقة أنها دراسة متميزة تحليلية لكل الرسائل التي أجيزت على مستوى العالم عن تاريخ المملكة العربية السعودية، وضح فيها الباحث أسماء الباحثين وأسماء رسائلهم وجنسية الباحثين ولغة البحث والموضوعات التي ركزت عليها الرسائل، ومدى التكرار والتشابه بين الرسائل، وكذلك أسماء المشرفين والمؤسسات والجامعات التي منحت الدرجات العلمية والموضوعات التي في حاجة لدراسة. كشفت الدراسة عن بعض خصائص البحث العلمي الأكاديمي في مجال التاريخ الحديث للمملكة, كما يظهر في الرسائل العلمية المجازة من الجامعات العربية والغربية وذلك منذ إجازة أول رسالة 1931م من جامعة تافتس tufts بالولايات المتحدة الأمريكية قبل تأسيس المملكة عام 1932م وحتى عام 2014م. وأوضح الباحث أن عدد الرسائل العلمية في هذه الفترة في التاريخ الحديث للمملكة العربية السعودية عدد 748 رسالة علمية تتوزع على 412 رسالة ماجستر و336 رسالة لدرجة الدكتوراة بمتوسط 9 رسائل سنوية، وهذا العدد يدل على ثراء البحث العلمى في هذا المجال ورسوخ المدارس العلمية فيه، وبالطبع كانت المملكة أكثر البلاد إجازة للرسائل العلمية خاصة في الأيام الأخيرة؛ وذلك بسب زيادة نسبة التعليم في البلاد بصفة عامة، وزيادة إنشاء الجامعات السعودية، وزيادة نشأة الأقسام العلمية في تخصص التاريخ في تلك الجامعات. وقد أجيزت الرسائل العلمية الخاصة بتاريخ المملكة من 21 دولة تتوزع على 12 دولة عربية وتسع دول أجنبية على تفاوت في نصيب كل منهما. بطبيعة الحال أسهمت المملكة العربية بنسبة 41 % من مجموع الرسائل أكثرهم من جامعة أم القرى بمكة المكرمة وجامعة الإمام محمد بن سعود بالرياض. وبلغ نصيب الدول العربية باستثناء المملكة ما يقرب من ثلث مجموع الرسائل حوالي 31.5 % في مقدمتهم مصر (جامعة عين شمس) ثم العراق. أم نصيب الدول الأجنية من الرسائل 27.4 % في مقدمتهم الولايات المتحدة الأمريكية ثم بريطانيا وألمانيا. تناولت الرسائل العلمية جوانب عديدة من تاريخ المملكة مثل: موضوعات الأحوال الاجتماعية والعلمية، والتعلمية والثقافية، والأدبية والإدارية والتنظيمية، والاقتصادية والسياسية للمملكة، وكذلك تاريخ بعض المناطق مثل: الأحساء والمنطقة الشرقية وتبوك، وجدة وحائل والحجاز، والدرعية والخرج والرياض، وعسير والقصيم والمدينة المنورة، ومكة المكرمة والمنطقة الشمالية وموانئ المملكة، ونجد وكذلك تناولت بعض الرسائل الرحلات كمصدر من مصادر تاريخ المملكة، وكذلك تناولت العديد من الرسائل العلاقات الدولية للمملكة مع الأردن وأفريقيا وألمانيا، والإمارات العربية المتحدة وأندونسيا وأوروبا، وإيران والبحرين وبريطانيا وتركيا، وتونس والجزائر والخليج العربي، ومع جميع الدول العربية.
وأوصى الباحث بضرورة دعم البحث العلمى لتاريخ المملكة، وضرورة التعاون بين الأقسام العلمية المتخصصة في مجال التاريخ، وأوضح أن تاريخ المملكة العربية السعودية العريق لا يزال بحاجة للمزيد من الدراسات خاصة تاريخ مناطق المملكة والعلاقات الدولية للمملكة العربية السعودية دراستها في الوثائق المحلية والعالمية.
وأخيرًا ترجع أهمية هذا الكتاب أنها دراسة وافية وتحليلية عن كل الرسائل العلمية التى تناولت تاريخ المملكة العربية السعودية منذ إجازة أول رسالة عام 1931م وحتى 2014م، وهى لا شك تخدم الباحثين في التاريخ الحديث والمعاصر للمملكة لمنع تكرار نفس الموضوعات، والبحث عن موضوعات جديدة، وليت كل دولة تجمع كل ما كتب من رسائل خاصة بتاريخها لتساعد الباحثين في التنقيب عن موضوعات جديدة، ويتم التعاون والتكامل العلمى بين كل الجامعات على مستوى العالم. حتى تتسم الدراسات العربية التاريخية بالأصالة والإبداع.