المقالات

النقوش في غار قرناس

عندما قدم إبراهيم باشا إلى نجد عام 1232هـ بقصد القضاء على الدولة السعودية الأولى، وصل بلدة الرس وحاصرها، ولكنه عجز هو وجنوده عن احتلال الرس بسبب صمود أهلها المجاهدين الذين دافعوا عنها ببسالة وشجاعة، ووجد نفسه أمام قلعة منيعة وقوية ورجال لديهم شجاعة لا نظير لها عقد صلحًا مع أهلها.
وبعدما انتهى من الدرعية أراد إبراهيم باشا القضاء على مجموعة من الرجال الأبطال الذين لم يستطع القبض عليهم بسبب ما لقيه منهم من مقاومة وصبر وشجاعة عند التصدي له، فأرسل مجموعة من جنده إلى الرس، وأوصاهم بقتل الشيخ قرناس بن عبدالرحمن، ولما علم الشيخ بذلك التجأ في غار في جبل أبان الأسمر قرب بلدة النبهانية وبذلك نجا من القتل.
وسوف ننقل ما قاله الرحّالة والمؤرخون عن تلك الحادثة:
ترجم الشيخ عبدالله البسام في كتاب (علماء نجد ج 5 ص 418) للشيخ قرناس؛ حيث نقل نصًا عن الشيخ إبراهيم الضويان يتحدث فيه عن الشيخ قرناس يقول فيه:
(ورجع إلى الرس، ولم يزل فيها إلى أن حاصرها إبراهيم باشا عام 1232هـ فولّاه قضاءها، ولم يزل عليها إلى أن بلغه أن الباشا حمل معه مجموعة من آل سعود وآل الشيخ إلى مصر وأنه توجه إلى القصيم، فحينئذ استتر منه، وانحاز إلى قرية النبهانية غربي القصيم؛ فكان يأوي إليها ليلًا، ويظل نهاره في غار في جبل أبان الأسود، ويعرف الآن بغار قرناس. ولم يزل كذلك إلى أن سافر الباشا وغابت عسكره فرجع إلى وطنه الرس، وصار قاضيًا على القصيم كله).
وقال ديفيد كمنز في كتابه (الدعوة الوهابية والمملكة العربية السعودية) ط2/ 2013م (ص 85) عن هروب الشيخ قرناس إلى جبل أبان (كان قرناس بن عبدالرحمن بن قرناس القاضي السعودي في المدينة، ثم أصبح قاضيًا في بلدة الرس في القصيم. لكنه هرب حين مرّ جيش إبراهيم باشا بها خلال انسحابه من نجد. ثم عاد ليصبح قاضيًا في الإمارة الثانية حتى موته عام 1846م).
والغار والنقش لا يزالان موجودين في جبل أبان الأسمر؛ حيث كان الشيخ قرناس يكتب على الصخر المجاور للغار شيئًا من ذكرياته وعن حادثة هدم الدرعية عام 1234هـ. ولكن في تاريخ: 12/5/1400هـ اعتدى مجموعة مجهولة من المفسدين على نقش الشيخ قرناس وأفسدوه بمعاول خاصة بدون سبب واضح واختفوا.
وفي الجهة المقابلة لهذا النقش التاريخي توجد نقوش أخرى قد تكون ثمودية، وهي عبارة عن رسوم وعلامات، وكلها واضحة المعالم. وتحتاج إلى حفظها وصيانتها من العبث والتلف.


صورة نقش الشيخ قرناس قرب الغار في جبل أبان،بعد الإعتداء عليه وافساده

عبدالله صالح العقيل

باحث وكاتب ومؤلف - الرس

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى