في نهاية عام ٢٠١٩، ظهر فيروس رئوي جديد في هذا العالم، بدا وكأنه سريع الانتشار وينتقل بين البشر بسهولة عن طريق الهواء، و يقتل نسبة من الذين يصيبهم، طبيًّا: هذه الخصائص تدق أجراسًا ذات صوت عالٍ لا يمكن تجاهله.
ما حدث بعد ذلك كلكم تعرفونه.
كل هذا حدث في ظل ظروف مميزة.
فقد كانت سنة انتخابات أمريكية، وكانت الدراما من واشنطن تعلو في صوتها عن تلك التي من هوليوود.
وسائل الإعلام المرئي والمسموع والمكتوب، كانت تتنافس فيما بينها في إظهار الأغرب والأعجب والأرعب. وواشنطن كانت تتنج ما يكفي.
كانت تلك سنة جيدة للاعلام ككل، وللإعلام التقليدي خصوصًا بعد سنوات من الانكماش مقابل وسائل الإعلام الجديدة المعتمدة على الإنترنت.
مالبثت دراما واشنطن أن انتهت بانتهاء الإدارة المثيرة للجدل.
وبدأت وسائل الإعلام بالبحث عن أي عناوين برّاقة جديدة تجذب المشاهدات، وأكثر طريقة تنفع في ذلك هي إثارة الرعب.
وما الذي يرعب أكثر من الأمراض والأوبئة خصوصًا بعدما فتك فايروس كورونا بحياة ١٥ مليون إنسان في أول سنتين فقط متجاوزًا بعض كبريات الحروب والنزاعات؛ وذلك حسب تقديرات منظمة الصحة العالمية، (في تقريرها عن حجم الوفيات الترجيحي في مايو ٢٠٢٢)
لذلك أصبحت الموضة في عالم الإعلام هي الأمراض والأوبئة ونظريات المؤامرات المرتبطة بها.
ولذلك نشأ فيروس إعلامي جديد، أعراضه الجوع للمشاهدات وللنقرات والتهافت للعناوين الملفتة، يصيب وسائل الإعلام من مختلف الأعمار، الجديدة والعتيقة على حد السواء.
هذا الفايروس الإعلامي يجعل بعض الإعلاميين ومعدّي النشرات يتهافتون على تضخيم كل شاردة وواردة فيم يخص المجال الصحي.
لذلك فوصيتي لك يا عزيزي القارئ، لا تهتم بتلك العناوين سواءً جدري القرود، أو الفطر الأسود، أو إنفلونزا الطماطم. ولا لما سيأتي بعدها من نوادر الأمراض القديمة منخفضة الأهمية في مقياس الصحة العامة التي سيضخمها الإعلام.
ما يفتك في مجتمعنا هي الأمراض المزمنة ومضاعفاتها. السكري وضغط الدم وارتفاع الكوليستيرول.
وأسبابهم سوء التغذية وقلة الحركة، وضعف النظام الصحي.
وأما من ناحية الأمراض المعدية: كفى بك حرصًا أن تلبس الكمام وتغسل يديك وتتلقى التحصينات التي توصي بها وزارة الصحة أولًا بأول (خصوصًا كورونا والإنفلونزا الموسمية وتطعيمات الحج لأهل مكة).
وتزيل مصادر المياة الراكدة في منزلك ومحيطه تجنبًا للملاريا.
هذه الأمراض هي الشائعة، وهي التي تؤثر حتمًا على حياتنا وحياة من حولنا.
وصدقني لو كان هناك مرض خطير، ستقوم وزارة الصحة بملء الفضاء توعية به. كما حدث مع كورونا سوف تأتيك التحذيرات في الرسائل والإعلام وحتى في خطبة الجمعة.
ولبلدنا تجربة مشرفة في التعامل مع جائحة كورونا جعلتنا نفاخر بأننا من ضمن أفضل بلدان العالم استجابة للجائحة. فلا تقلق فالأمر موكول لمن هو أهلٌ له.
أما النوادر والغرائب فلا جدوى من أشغال عموم الناس بها وتضخيمها فوق حجمها للحصول على أكبر قدر من المشاهدات.
وكفى بالله حافظًا.
بارك الله فيك دكتور حسام.
وزادك الله علمآ ونفع بعلمك الوطن وابناءه. وجميع المسلمين.
شكرأ على تطمينك. وكشف الحقائق ووضع النقاط على الحروف.
آمين وإياك ، شكراً لمرورك ولدعواتك الطيبة ، تحياتي لك .