المقالات

حكاية (بي إن) فيها (إنَّ)!

النصيحة لن يكون لها مفعول أو أثر إذا كانت مجرد حروف على ورق! مالم تكن العظة تطبيقًا فعليًا في الحياة اليومية سوف تكون (كلمات كباقي الكلمات). لن يقتنع الموظف بعشرات التعاميم عن الانضباط الوظيفي، وهو يرى مديره يتجاوز الأنظمة واللوائح، وسوف يتجاهل المريض التحذيرات عن أضرار التدخين، وهو يرى طبيبه يتبع السيجارة بأختها.

معظم حسابات التواصل الاجتماعي التابعة لأجهزة الدولة ترسل (يوميًا وبعضها أسبوعيًا) رسائل تحذيرية عن أهمية (المحافظة على البيانات الشخصية)، وعدم الإفصاح أو تصوير (الهوية الوطنية للمواطن/هوية مقيم)، ليس هذا فحسب، بل (بعضها) يرسل رسائل قصيرة من خلال الجوال لتنبيه العموم (المواطن/المقيم) من خطورة وصول تلك المعلومات الشخصية لعصابات النصب! إضافة لما سبق، هناك قطاعات رسمية أخرى ومن خلال رسائل الجوال تُطالب بمحاربة (التستر)، والتحذير من خطورته الأمنية، والتنبيه من ضرره الاقتصادي على البلاد.
أمام هذا السيل الجارف من رسائل التوعية والتحذير من سرقة البيانات والحث على مكافحة التستر، أجدني أقف عاجزًا عن تفسير (صمت) الجهات المختصة في استمرار إغلاق مكاتب خدمة عملاء (قنوات بي إن الرياضية)، ومنعها من تقديم خدمات الدعم للمشتركين (مواطنون ومقيمون) في السعودية!

كيف ننصح الأفراد بعدم التفريط في (بياناتهم الشخصية) من جهة، ثم ندفعهم من جهة أخرى للإفصاح عنها لعمالة تنتشر في أرجاء السعودية، وتتسابق لتقديم خدماتها للراغبين بالاشتراك (التجديد) في (قنوات بي إن الرياضية) الناقل الحصري لمعظم البطولات الرياضية العالمية؟ كيف تحذر الجهات المختصة من التستر وأضراره ثم تدفع المشترك للجوء (قسرًا) إلى عمالة تمارس أنشطة السوق السوداء؟ أيعقل أن نُطالب الأفراد بالتزام القوانين ثم نضطرهم (بشكل غير مباشر) للتحايل مع العمالة للحصول على الاشتراك من دول أخرى مجاورة؟ كيف نجبرهم على التضحية ببياناتهم وصور بطاقاتهم للاشتراك من حساب في لبنان مثلًا، ونحن نعلم ماذا يوجد في لبنان من جماعات لن تألوا جهدًا في إلحاق الضرر بالسعودية ومواطنيها من خلال استغلال بياناتهم.

الإعلام المضاد يحاول استغلال مثل هذه المواقف لإثارة الفتن، ومنها أن استمرار حظر خدمات (قنوات بي إن) يعني أن رواسب الأزمة السياسية لم تنتهِ! بل تجاوز البعض ممن ينشرون الشائعات بقولهم: إنها إجراءات أمنية!
هؤلاء المرجفون، أما سمعوا الكلمات الأخوية الترحيبية (يالله حيه.. نورت المملكة) من سمو ولي العهد السعودي لأخيه رئيس دولة قطر؟ ألم يعرفوا عن (اتفاق العلا) وما أقر فيه من لجان لتطوير التعاون بين السعودية وقطر، وما تبع ذلك من زيارات رسمية بين البلدين لمناقشة العديد من القضايا؟ لناشري الشائعات، نحيطهم بأن آخر المستجدات في هذا الملف هو ما تم الاتفاق عليه مع الناقل الجوي (السعودية) (لتسيير رحلات يومية من الرياض وجدة لتنقل 5000 مشجع يوميًا) كمساهمة ودعم من المملكة لدولة قطر في تنظيم إجراءات كأس العالم 2022.

في يوليو 2021 (أي قبل عام تقريبًا) أصدر الموقع الرسمي (لقنوات بي إن) تقريرًا جاء فيه “بلغ عدد من تابع مباراتين فقط (نهائي أمم أوروبا ونهائي أمريكا اللاتينية) في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أكثر من 100 مليون مشاهد”، أجزم أن النسبة الكبيرة من هذا الرقم هي لمشتركين من السعودية التي تعتبر القوة الشرائية الأولى في الشرق الأوسط، وتتسابق المنصات الإعلامية ومنها (قنوات بي إن) على الفوز بنسبة من كعكة المشتركين في السوق السعودي الذي وبكل أسف ينقصه التنظيم، ويفتقد المشتركون في القنوات ما يستحقونه من دعم، (وأبسط حقوقهم) خط داخلي للتواصل مع خدمة العملاء (800 / 9200)! تفصلنا أشهرٌ معدودات عن انطلاق العُرس الرياضي العالمي كأس العالم 2022، وبهذه المناسبة العالمية أتاحت القنوات باقات من التخفيضات والمميزات (ومع الأسف) لا يستفيد منها المشترك داخل السعودية!
والسؤال الذي يفرض نفسه: هل هناك أصحاب سلطة (مستفيدون) من منع (قنوات بي إن) في السعودية ويريدون استمرار نشاط الاشتراك عبر مكاتب العمالة؟ هل لهم (نسبة) من تلك الاشتراكات ومن بيع الأجهزة بشكل غير قانوني؟ لماذا لا تبحث (هيئة الرقابة ومكافحة الفساد) عن المستفيد(ين) والمتسبب(ين) في هذا الفساد الإداري الذي يؤدي لاستمرار إهدار أموال المواطنين والمقيمين؟

إن استمرار هذا الحظر (بدون قرار رسمي معلن)، سوف يشجع الراغبين بالاشتراك في (قنوات بي إن) إلى اللجوء (لوسائل غير قانونية)، مما يشكل (ثغرة أمنية) تمكِّن المتربصون (بالسعودية وساكنيها) من إنشاء قواعد بيانات ضخمة تحتوي على (البيانات الشخصية وأرقام الجوال والبريد الإلكتروني)! وربما تُستغل البيانات لاحقًا في عمليات (مشبوهة) يتورط فيها أناسٌ لا ذنب لهم إلا أنهم يريدون متابعة القنوات الرياضية!

خاتمة:
إذا جففنا منابع تسريب البيانات الشخصية، حينها لن يعرف (الساحر الأفريقي) أسماء أجدادنا ليحذرنا من أعمال السحر، ولن يزعجنا عامل آسيوي على أرقام جوالاتنا؛ ليبشرنا بجائزة من الجوائز.

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button