لقد كانت المملكة تقوم بدورها التاريخي في خدمة الإسلام والمسلمين؛ خاصة الأقليات المسلمة ففي مـجال الدعوة إلى الله تواصل المملكة جـهودها، وتقوم برسالتها في هذا الميدان خير قيام، وتدعم الدعاة والمراكز الإسلامية والجمعيات الدعوية، وفي مـجال المساجد نجد الحرص على دعم بيوت الله، والمبادرة بإقـامة المساجد والمراكز الإسلامية، حـتى وصل عددها في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد أكثر من (1750) مسجدًا ومركزًا منتشرة في أنحاء العالم. وفي مجـال التعليم أنشأت المملكة العديد من المدارس والمعاهد والأكـاديميـات الإسلاميـة؛ وخـاصة فـي مناطق تواجـد الأقليات المسلمة، وقد خـصصت المملكة منحًا دراسية سنوية لعدد كبير من أبناء الدول الإسلامية للدراسة فـي جامعات المملكة ومعاهدها.
وفي مجال الاقـتصاد تعتبر المملكة أكبر المساهمين والممولين لبنك التنمية الإسلامي الذي يسهم في تنمية اقتصاديات العالم الإسلامي بفاعلية ملحوظة، وفي مجـال الإغاثة نجـد المملكـة سباقـة في هذا الميدان، وفي كل نازلة قـد تنزل بالمسلمين نجـد المملكة تبادر إلى إغاثة إخـوانه المنكوبين، وتفريج كـرباتهم، سواء من جـراء الحـروب والصراعات أو من جراء الكوارث، ومن أقوال الملك فهد -رحمه الله-: (من واجبنا كدولة شرفها الله بخدمة الحرمين الشريفين الوقوف إلى جانب إخواننا المسلمين ومد يد العون لهم بالقدر الذي يمكنهم من توفير أسباب الأمن والاستقرار والرخاء دون أن نتدخل في شؤونهم أو نربط مساعداتنا لهم بأية شروط).
ووقفت المملكة ضد المد الشيعي في شرق أفريقيا حين تحركت إيران في البحر الأحمر وبنيت إيران قاعدة عسكرية في ميناء عصب الإريتري، والذى يحتل موقعًا استراتيجيًا في مدخل البحر الأحمر الجنوبي.
سعت دول أفريقية مؤخرًا للاستعانة بالسعودية لمساعدتها في الحد من المد الإيراني تحت غطاء المذهب الشيعي، الذي استهدف خلال الأعوام الماضية التمدد فيها، وهو ما ظهر جليًا في مواقف تلك الدول وزياراتها الأخيرة للعاصمة الرياض. وكرست السعودية جهودها الدبلوماسية للوقوف إلى جوار دول القرن الأفريقي بصفة خاصة لمقاومة مخاطر المد الشيعي. وبعد تولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، استقبلت الرياض بحفاوة كبيرة زعماء دول إثيوبيا وجيبوتي إضافة للزعيم الإريتري، للإعلان عن تحالف جديد يهدف للحد من انتشار التشيع الإيراني في القارة السمراء .وفي موريتانيا، كانت تحركات إيران تتخفى وراء ستار الصوفية في البلاد، إلا أن الدول الخليجية بقيادة المملكة قامت عام 2008 بتجميد مساعداتها وقروضها المالية للحكومة الموريتانية التي وقفت عاجزة أمام انتشار التشيع في البلاد، وساهمت التحركات السعودية في القرن الأفريقي في تعزيز الأمن الإقليمي والبحري في باب المندب والحد من عمليات القرصنة، وتقليص دور المجموعات المسلحة في البحار، فضلًا عن التربص لكل محاولات تهريب السلاح إلى اليمن.
تقوم المملكة بجهود كثيرة لدعم مسلمي كينيا منها ما يقوم به صندوق التنمية السعودي الذي تأسس في أواخر عام 1394ه/ 1974م بهدف تمويل المشاريع الإنمائية في البلدان النامية بقروض ميسرة، ولقد قام بالعديد من المشروعات في كينيا منها مشروع رصف طريق كينيا السودان (250 كم) بقرض قيمته 66.1 مليون ريال عام 1400ه/1980م سعودي ومشروع تيكا من كينيا إلى لبوى على حدود الصومال لربط كينيا بالصومال عام 1981م طوله 508 كم، وتكلفته 434 مليون ريال سعودي شاركت في تمويله المجموعة الاقتصادية الأوروبية مع الصندوق السعودي للتنمية. أيضًا من المشاريع الذي نفذها الصندوق في كينيا مشروع مجارى مدينة ممباسا بقرض قيمته 45.95 مليون ريال سعودي، وشارك في التمويل المشروع الذي تكلف 150 مليون ريال سعودي البنك الدولي ووكالة التنمية الدولية.
تقوم هيئة الإغاثة الاسلامية العالمية بجهود في الأعمال الخيرية لمسلمي شرق أفريقيا ومن برامجها إفطار الصائمين فقامت بإفطار الصائمين في كينيا (شهر رمضان 1438) بما قيمته 100 ألف ريال، وتقدم رعاية اجتماعية وكفالة الأيتام في كينيا لكل يتم 110 ريالات شهريًا كما توزع الحقائب والمنح والإعانات ونفقات المدرسين، وقامت بمشروع المقرأة الإلكترونية لتعليم المسلمين القراءة الصحيحة للقرآن الكريم عن بُعد، ولدى الهيئة وقف الدعوة المكون من 28 طابقًا في شارع الحرم بمكة المكرمة، وتبلغ مساحته 2.315 بتكلفة 87.500.000 ريال سعودى تخصص إيراداته لأمور الدعوة الإسلامية.
في منطقة البحيرات العظمى تقع دولة بوروندي، والتى بها المسلمون أقلية، قامت المملكة بالعديد من المشروعات في بوروندي، والتي قام بها الصندوق السعودي للتنمية منها مشروع تشجير منطقتي موجامبا بوتوتسي بقرض قيمته 8.7 مليون ريال عام 1400هـ 1980م لحماية التربة من الانجراف الناتج عن الأمطار الغزيرة وتعزيز الثروة الخشبية. وكذلك مشروع طريق (جيتيكا – جيهوني) بقرض قيمته 24.4 مليون ريال عام 1401هـ / 1981م بتكلفة 104 مليون ريال بالتعاون مع البنك الألماني والصندوق السعودي للتنمية.
وإن للمملكة العربية السعودية دورًا في مواجهة التنصير في تنزانيا انطلاقًا من كونها تحمل راية الدعوة الإسلامية امتدادًا لجهود النبي -صلي الله عليه وسلم- في نشر الإسلام والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ فهناك دور بارز وفعال ونشط لمؤسسات العلمية في نشر الإسلام ومواجهة التنصير، ولقد استطاعت كل من الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة وجامعة أم القرى بمكة المكرمة وجامعة الإمام محمد بن سعود بالرياض أن تخرج أعدادًا هائلة من الدعاة التى أسهمت في نشر الدعوة الإسلامية، ولا شك أن رابطة العالم الإسلامى ودار الإفتاء والندوة العالمية للشباب الإسلامي كلها أسهمت في دعم المسلمين في شرق أفريقيا.
لقد كان للملك فيصل اتجاه عام للدفاع عن المسلمين في كل مكان خاصة الأقليات المسلمة؛ فكان يقول: (بأن المؤامرة التى أعدت ضد العرب والمسلمين هى من عمل الصهاينة والإمبرياليين والشيوعيين الذين يخدمون أهداف الصهاينة من أجل تهديم المعتقدات الإسلامية التى تبقي حجر عثرة أمام مخطاطتهم ومؤامراتهم), ونفذت رابطة العالم الإسلامي برنامجًا لمكافحة العمى بتنزانيا عبر هيئة الإغاثة العالمية الإسلامية لمدة أربعة أيام خلال الفترة من 6 إلى 10 أغسطس 2017 في العاصمة التنزانية دار السلام، وأجرى الفريق الطبي الذي ضم عددًا من كبار الاستشاريين في جراحات العيون 500 عملية جراحية لإزالة المياه البيضاء للفقراء الذين لا يستطيعون دفع تكلفة العلاج؛ بالإضافة إلى قيام الفريق الطبي بالكشف على 4 آلاف مريض، وتوزيع 300 نظارة طبية، وأكثر من 260 قطرة طبية وأدوية ومضادات حيوية خلال فترة إقامة المخيم الذي شهد ازدحامًا وإقبالًا كبيرًا من المرضى، وقد قام القائم بالأعمال في سفارة خادم الحرمين الشريفين في تنزانيا الأستاذ بندر الهزاني ممثلًا للسفير السعودي بزيارة المخيم الطبي، واطلع على الجهود التي تقوم بها الرابطة في تنفيذ هذا البرنامج الحيوي لمساعدة وعلاج مرضى العيون في تنزانيا.
وفي أوغندا من دول شرق إفريقيا، قام البنك الإسلامي للتنمية بتقديم قرض قيمته 23.08 مليون دولار لأوغندا لتمويل تسع مشروعات تنموية بها. هذه أمثلة لجهود المملكة في خدمة الأقليات المسلمة في شرق إفريقيا.