المقالات

“مشهد النهاية… ياغارة الله ياسعيد!!”

فاجعة الزميل “سعيد علي حسين”، وأنا أرى مشهد سيارته تلتهمها النيران جراء وابل الرصاص الذي أطلقه الجاني عليه وعلى سيارته، أعادتني إلى الوراء أعوامًا؛ حيث شريط طويل من الذكريات واللحظات التي كنا نتشارك فيها الركض في ميادين الكرة قبل أن يرحل تاركًا أصداء ابتسامته تتراءى في أعيننا، وأشذاء مودته الطاغية، تعطر أدق تفاصيل سيل الذكريات.
يجيء (سعيد) على صهوة ابتسامته ووداعته ولين جانبه ومحبته وطيبته كما يليق بالإنسان الرفيع، الحقيقي، الراجح، المحترم، النبيل، والنبيه.
يغادرنا بعد أن وضع نفسه ضمن قائمة القلة الذين كنا نجزم أننا لن نراهم فيما يؤذينا !
من ميادين كرة القدم تشكَّلت علائق المودة وفي المجمل تحتمل الكرة المناوشات، وفي أحيانٍ كثيرة يخرج اللاعبون عن طورهم؛ وحده (سعيد) ظل محتفظًا بسمة وقاره في مختلف الظروف، رغم أنه يلعب في مركز (قلب الدفاع) الذي من متطلباته “الشراسة” التي ترقى إلى حدود العنف مع الخصوم، لكن هذا لم يكن كافيًا لجعله يغادر ثوب وداعته وطيبته وخلقه.
تلك المرحلة صنعت رحلة حياته العملية؛ فتخصص في التربية الرياضية حاملًا شهادة البكالوريوس.
ظل سعيد مشاركًا مع بقية أقرانه في وادي ممنا بهجة اللعب، واستمر ناشطًا رياضيًا، يترجم حرصه على أن تظل كرة القدم متنفسًا لأبناء وادي ممنا، وشهدنا مع رفاق كثرة الدورات الرمضانية التي جعلت من “الميدان” قبلة للرياضيين والمهتمين من أبناء المخواة الذين ييممون نحو (الوادي الأخضر)؛ ليشهدوا منافسات كرة القدم والدوري الرمضاني المثير.
لسنوات طويلة كان سعيد أحد فرسان تلك المرحلة بحميميته وبشاشته، وهو يستقبلنا -نحن القادمون من خارج وادي ممنا – ليرسم ورفاقه في ذاكرة الجيل ملامح مرحلة من أعمارنا.

أمام تلك العناية الرفيعة بالضيوف، من داخل وخارج المخواة، ما عسانا نقول !!

هي لحظات ذهب زمانها لكنها بقيت ذاكرة وتاريخًا ..
وخطوات وئيدة نحو المودة صنعت في وجداننا سعيد البهي! حتى جاء الموت بطريقة مفجعة أوجعتنا بشاعتها، وتجلل فضاؤنا بالسواد، وخيّم على الرفاق حزن مهيب حين رددنا مع مشهد النهاية المفزع: “ياغارة الله جدي السير مسرعة …..في حل عقدتنا يا غارة الله!!”

عزاؤنا أنها أقدارنا التي لا نختارها، ولا نعلم على أي نحو تجيء !!!
وقد كانت لحظة الرحيل مفزعة بتفاصيلها لكنها لا تخلو من رجاء وأمل يعلو فوق بشاعتها؛ ليغمر قلوب محبيه أن هذه الفاجعة هي التي ستكتب له سعادة الدارين، ولن يرحل مثله من وجدان محبيه.
على الصعيد العملي أجزم أنه النموذج ليس لأنه كان يعمل بجد فقط، بل لأنه يتمتع بالصفة المثلى: يقاوم الإحباط، مهما كانت الأوضاع، ويعلو على الشكاية، أيًا كانت الظروف!
ويظل سعيد بصمة خالدة في نفوس من عرفوه؛ حيث قدم نفسه كنموذج الإخلاص والبذل والعطاء التربوي، وصنع علاقة خاصة مع الأجيال التي تتلمذت على يديه، وبكت رحيله بدمع غزير.

مقالات ذات صلة

‫3 تعليقات

  1. الله يرحمه ويغفر له ويرحم الاموات اجمعين يارب العالمين
    وجبر الله قلب من تركهم خلفه يتألمون والحمد لله ع كل حال كلنا لله راجعون .

  2. رحمه الله رحمة الأبرار وأسكنه فسيح جناته.
    أنا لا اعرفه ولكن من خلال هذا الموضوع حبيته دون مشاهدته لاني اولا لا احب لأي إنسان الضرر مهما كان.
    ثانيا لانه نفس مجالي في التعليم ونفس ما كان يقوم به من تنظيم دورات ومسابقات رياضية
    ثالثا ولانه يعتبر فقْد للمجتمع بهذه الصفات ولاهله رحمه الله ولكن في الاخير هذا قضاء الله وقدره.
    (إنا لله وإنا إليه راجعون) علي الزهراني /تربية بدنية متقاعد.

  3. نسأل الله تعالى ان يغفر له ويرحمه ويلهم اهله وذويه ومحبيه الصبر والسلوان .
    (( إنا لله وإنا إليه راجعون ))

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى