المقالات

يوميات مراهق … يوميات مُرهق

ليلاً وعندما أشغر بالفراغ ، عادةً ما اُعِّدُ الشاي
وأستمع للموسيقى وأشاهد التلفاز
زارني تلك الليلة المستقبل المزعج
يريد أن يُنكد عليَّ طقوسي ..
بغرورٍ قال لي : أما سئمت من كونك بعيداً عن صفوف التفوق ؟
لماذا لست الأول ولا الثاني ولاحتى العاشر على الأقل ؟
هل تعتقد بأن الشاي الذي في يدك والموسيقى المهلمة كما تطلقُ عليها ستبني لك حياتك ؟
لن تكمل حياتك ولا حتى نصف دينك ، ستبقى هكذا مجرد شخص روتيني لايمل ولا يكل من مشاهدة الماضي !!
أوقفت رشفتي وأبتسمت عند تلك النقطة !
نعم شخص روتيني ؛ لكن يا مستقبل ، من جعلني شخص روتيني بحقك ؟
أنظر إلى هذا المكان الذي أنتمي إليه عندما ينام أهلي ..
مدهش أليس كذلك ؟!
لم أعتقد أن تسألني لماذا أنا روتيني؟
هل قبلني عمل ؟ هل اختبروا قدراتي ؟ هل ألتقوا بي واستمعوا لأفكاري ؟ أم أنهم اعتمدوا على هذه الورقة التي توبِخني عليها ؟
أقسمت بالله لروحي بأنني أجتهدُ فوق ماعطاني الله وأجبرت نفسي على أن أكونَ ناجحاً ..
ولكن أنظر حولك أنا روتيني ، ممل ، باهت ، كسول وساذج إن أردت ، هل تعتقد أنه ذنبي ؟
تبخرت أحاسيسي
ولم تقف دفوف الجنائز على خلايا عقلي
لماذا عندما عشقت كرة القدم صغيراً
وأحببت أن أكون مدرباً
وجب عليّ أن أحصل على ورقة قبول.
أخبرني أيها الحقير لماذا تريد أن تلقي اللوم علي ؟!!
من أنت ؟ خيال واسع ؟ اصطدام مشاعر ؟
وتبدو منمقاً عندما تحدثت عن نصف الدين .
أخبرني لماذا يجب علي دفع الالآف لرجل وضع سعراً لأبنته ؟ هل سيبيعها لي ؟
بعدها ستطلب منزلاً راقياً من الرخام والواجهات الحديثة وأثاثاًًملكيّاً وسيارة فارهة ، ومالاً وفيراً لتلبي سخافات لا احتياجات .
عذراً لها لن نستطيع الذهاب إلى مقهى أنيق لنحتسي كوب قهوة ( يُسمى لديهم ولديك قهوة وبداخله ثلج ) نعم ثلج ! القهوة التي ذهبنا ” لنحتسيها ” مثلجة !
وعندها سندفع بضع العشرات حتى
نبدو رائعين أمام الناس
ولكن في الواقع نحنُ ساذجين بداخلنا .
كل هذا العالم الذي تتحدث عنه أيهاالمستقبل .

هو الثقب الأسود للحياة الحقيقية
أنا لا أحبك ولا أحب زيارتك ولا ذكرك أيضاً فهمتني ؟!
وضع الله فيني الذكاء البسيط ! ليس كي أقدمه كورقة تبنى عليها حياتي .
لماذا تضع اللوم علي الآن ؟!!
أتعلم .. بدلاً من زيارتك اليوم زارني قلبي البارحة .
قال لي لاتشغل بالك بأهمية تلك الورقة
اعتقد بأنك ستجد فتاة تحبك وتحبها.
وتريد أن تكون شريكة حياتك بكل ما أنت فيه ، ستقبل منزلك الخشبي وسيارتك المتواضعة ولن تطلب المال لكي تكون لك تريدك رجلاً فقط .
سترضى بالأرائك العادية والتلفاز البسيط والثلاجة اليدوية. ستشاركك الحليب والرغيف في الصباح .وستعد لك الشاي ليلاً وتستمتعون للموسيقى سوياً.
ستجني لها المال القليل ولكنها لاتريد من الدنيا إلا أنت.
تباً له إنه مجرم ..
قلت له :
إذا ما حدث ذلك سأعمل في محطة وقود من غداً .
أرأيت ماقاله قلبي لي أيها المستقبل ؟!!
رد بكل برود : لن يحدث ذلك ..
قذفته بكأس الشاي التي كانت في يدي
إنه الذنب الوحيد بيننا هو المستقبل
لماذا أصبح يعتمد على ورقة ؟ !!
وإن نجحت بها ستدخل في مرحلة المال
صرخت وبدأت أرمي كل ما حولي ..
كأنني كنت في حلم واستيقظت منه !!
عندها اكتشفت إن المكان خالياً وعلمت أنه يجب علي النوم ليلاً أكتشفت أن زوّار الليل مؤلمين جداً.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى