جولة سيدي صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء – حفظه الله – الإقليمية الرسمية لكل من مصر والأردن وتركيا، والتي جاءت بتوجيهات سيدي خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود – رعاه الله – رسّخت مكانة المملكة العربية السعودية، وتوّجت الجهود المبذولة في هذه المنطقة؛ بهدف أن تنعم بالأمن والاستقرار والنماء والرخاء، وعملت على تعظيم مكانة المملكة وتكريس ثقلها الإقليمي والدولي، ومنزلتها ورمزيتها بين دول العالم قاطبة، وأكّدت بما لا يدع مجالًا للشك، علو كعبها، وأنها صاحبة ثقل روحاني، مُستمد من عدّة جوانب، في مقدمتها خصوصيتها الدينية كراعية للحرمين الشريفين وخادم قاصديهما وزوّارهما، وكقبلة لنحو ملياري مسلم، وحاضنة العالم العربي.. وهي العُمق الإسلامي، والصوت الجامع للعالم الإسلامي.. وهي القائد للجميع، كقوّة استثمارية رائدة؛ حيث تمكّنت من صعود درجات سلالم المجد الدولية والعالمية، لتحتل موقع القيادة والريادة والصدارة، بقدراتها الاقتصادية ومكانتها الروحانية، وثقلها الدبلوماسي والتنموي، لتصبح محور ربط للقارات الثلاث، لموقعها الاستراتيجي الذي يربط بين: إفريقيا، وآسيا، وأوروبا، ولامتدادها العربي والإسلامي الراسخ والعميق، وإرثها الإنساني والحضاري، وبسياساتها الحكيمة ودبلوماسيتها العريقة.
هذه الجولة الإقليمية والزيارات الرسمية التاريخية لسيدي سموّ ولي العهد – حفظه الله -، التي بدأها بعد أن اطمئن سموّه الكريم على ترتيبات وتنظيمات حج هذا العام 1443هـ، وبدأ وصول قوافل ضيوف الرحمن للأراضي المقدسة، اتصفت بالشمولية واتسمت بتعدد الرؤى، وبالتطرق لعدد من الموضوعات المهمة، ولم تغفل جانب “البيئة”، وفي مجال البيئة والتغير المناخي، رحبت جمهورية تركيا بإطلاق المملكة لمبادرتي “السعودية الخضراء” و”الشرق الأوسط الأخضر”، وأعربت عن دعمها لجهود المملكة في مجال التغيُّر المناخي من خلال تطبيق نهج الاقتصاد الدائري للكربون، الذي أطلقته المملكة، وأقره قادة دول مجموعة العشرين. وجدد الجانبان تأكيدهما على أهمية الالتزام بمبادئ الاتفاقية الإطارية للتغير المناخي واتفاقية باريس، وضرورة تطوير وتنفيذ الاتفاقية المناخية بالتركيز على الانبعاثات دون المصادر، وأكد الجانبان دعمهما للمبادرتين اللتين أطلقتا خلال ترؤس المملكة لاجتماعات مجموعة قمة العشرين 2020م، وهما (المبادرة العالمية لخفض تدهور الأراضي وتعزيز المحافظة على الموائل الأرضية)، ومبادرة (منصة تسريع البحث والتطوير في مجال الشعب المرجانية العالمية)، كما اتفق الطرفان على تطوير شراكات إنتاجية واستثمارية في مجالات الذكاء الاصطناعي والتقنيات الرقمية والمدن الذكية، وتشجيع الجهات الفاعلة في القطاع الخاص العاملة في هذه المجالات على التعاون.
وقد جاءت هذه الجولة الإقليمية المكوكية، في ظروف دولية سياسية واقتصادية حرجة، أكسبتها أهمية كبيرة من حيث التوقيت والأهداف، حيث كرّست الشراكات الاستراتيجية بين السعودية وهذه الدول الثلاث، وعزّزت سجلّها السياسي والدبلوماسي الحافل بالمبادرات التي تُعزِّز التقارب بين الشعوب، وبحثت عددًا من القضايا الإقليمية والدولية، وآخر المستجدات في المنطقة والعالم، وسُبل تعزيز العلاقات في شتى المجالات مع قادة هذه الدول الثلاث، وتنقية الأجواء، وتنسيق المواقف العربية تجاه قضايا المنطقة والقضايا الدولية، والقضايا ذات الاهتمام المشترك، وتوحيد الرؤى وتعزيز التكامل بما يُسهم في تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة، ومواجهة التحدّيات التي تواجهها، وبما يُجسِّد عُمق العلاقات المتميزة بين المملكة وهذه الدول الثلاث. كما بحثت بعض الملفات السياسية والاقتصادية والعسكرية والأمنية والثقافية، واستعرضت سبل تطوير التجارة البينية بين هذه الدول وتنويعها، وتسهيل التبادل التجاري بين بينهم، وتذليل أي صعوبات في هذا الشأن، وتكثيف التواصل بين القطاعين العام والخاص في بحث الفرص الاستثمارية وترجمتها إلى شراكات ملموسة، وبحث الفرص التي تقدمها رؤية السعودية 2030 في مجالات الاستثمار، والتجارة، والسياحة، والترفيه، والتنمية، والصناعة، والتعدين، ومشروعات البناء والنقل والبنى التحتية، وتوقيع لعدد من الاتفاقيات في مجالات الاستثمار والطاقة وفي عدّة مجالات مختلفة، خاصة وأنها تأتي قبيل أقل من وقد استبقت تحركًا سعوديًا كبيرًا، وحملة دبلوماسية نشطة وفاعلة على الصُعد العربية والإقليمية والدولية، يقودها ويرعاها مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود – حفظه الله -، تتمثل في قمة جدة التي دعا إليها خادم الحرمين الشريفين– رعاه الله – والتي من المقرر عقدها في 16 يوليو القادم؛ بهدف وضع العالم وعواصم القرار أمام خطورة ما تشهده المنطقة من تحدّيات وتهديدات، بالإضافة إلى القضية المحورية المتمثلة في مطالبة المجتمع الدولي بالتدخل للضغط على إسرائيل، لتنفيذ ما التزمت به في اتفاقات السلام مع الفلسطينيين.
وبهذا الحراك السياسي والدبلوماسي الكبير المتمثل في هذه الجولة، يواصل سيدي سموّ ولي العهد – حفظه الله – جهود تعزيز مكانة المملكة بين دول العالم، والتي صُنِّفت بأنها من بين أفضل 20 بلدًا إصلاحيًا في العالم، والثانية من بين أفضل البلدان ذات الدخل المرتفع ودول مجموعة العشرين، من حيث تنفيذ إصلاحات تحسين مناخ الأعمال، هذا بالإضافة إلى تأكيد حضورها الإقليمي والدولي الفاعل والمؤثر.
والله ولي التوفيق،،،
* أستاذ الهندسة البيئية والمياه المُشارك، بكلية الهندسة والعمارة الإسلامية بجامعة أم القرى.