حين تفقد منطقة الباحة ذاكرتها الشعبية؛ فإن ذلك فقد كبير لا يمكن إعادته، وحين يتهدم حصن منيع؛ فإن ذلك مؤشر لخسارة فادحة، وللقرى ذاكرة حصيفة تحفظ أسماء الطيبين، والراحل سعيد الفقعسي ودع الحياة يوم الأحد ٤ ذو الحجة ١٤٤٣هـ، تاركًا إرثًا كبيرًا من السيرة العطرة البيضاء النقية، عُرف بسجايا حميدة وشمائل فاضلة، الكرم، الشيمة، صلة الرحم، ملازمة المسجد، التعامل المثالي مع جميع أطياف المجتمع صغارًا وكبارًا، حكيم في حديثه، بليغ في كلامه، متميز في أخلاقه، رافض التزمت والمغالاة، حافظ الكثير من الموروث الشعبي، يقرض الشعر مما شكل له بنكًا زاخرًا بالود والتقدير والاحترام، إن حضر فيظل نجم المجلس، يعودون إليه إن اختلفوا في ضياع شيء من قصيدة شعرية لشعراء الباحة الشعبيين، عاش عزيز النفس ومات كذلك، كل فرد في القرية يراه الأقرب إلى نفسه، وتلك ميزة قلما تتوفر في الآخرين، متواصل مع الجميع القريب والبعيد مما يمكن القول بأنه أب للجميع.
وإذا عدنا إلى تاريخه الناصع البياض في العمل فكان القريب جدًا من معلمي وطلاب مدرسة رغدان الابتدائية يكنون له الحب، يداوم على زيارة المرضى، ويلتمس العذر لمن يخطئ، وهي من شيم الكبار وحين يدور الحديث ممن هم قد تجاوزا الستين من العمر فسيكون “سعيد الفقعسي” محور الحديث بذكر شمائله الفاضلة ومواقفه الحكيمة.
فجعت رغدان برحيله كآخر أغصان الجمال بعد أن عاش زهاء مئة عام في عمل الخير والبر والعمل الصالح، وعدم الانقطاع عن المسجد سيرة عطرة يذكرها الكبير والصغير.
رحم الله الفقيد العم سعيد بن عبدالله الفقعسي، وأسكنه فسيح جناته، وألهم ابنيه الكريمين عبدالخالق ومحمد، وكل أفراد أسرته وأقاربه وجماعته من أهالي رغدان حسن العزاء “إنا إليه وإنا إليه راجعون”.