أهلًا، أنا محمد. عمري 24 سنة، أعمل ككاتب إبداعي، وأملك منصة أدبية اسمها “سرد”، وأكتب قصص ومقالات، أنشرها في عدة مواقع إلكترونية. دشنت رواية وفي خضم كتابة رواية أخرى، في وظيفتي أكتب، وفي وقت فراغي أكتب، وفي وقت ممارستي لشغفي ووظيفتي الثانية -سرد- أكتب أيضًا. غير الكتابة، أحب مشاهدة المصارعة والأفلام والمشي. ما أعصّب كثيرًا، لكن شغفي بالأشياء التي أحبها وحماسي في الكلام عنها يعطي انطباعًا بأني معصّب دائمًا. هذا باختصار تعريفي لنفسي في الفترة الحالية.
لماذا أسهبت بتعريف نفسي، ألا يكفي أن أقول: أهلًا أنا محمد، كاتب، عمري 24 سنة؟
لماذا كل هذه (البهرجة) التي أجزم أنك لست مهتمًا بها خصوصًا بهذا القدر من التفصيل؟
الجواب هو أني بطل قصتي.
أنا بطل قصتي
جوابي السابق يصبح منطقيًا في حالة واحدة: إن كان العالم كله يشاطرني الاهتمام بتفاصيلي، فأقدّم نفسي كبطل القصة. وأنا فعلًا بطل قصة، قصتي الشخصية التي أعيشها يوميًا، كما أنت وأنتِ أبطال قصصكم.
طريقة التعريف هذه غير محبذة بالطبع، فعندما يطلب منك شخص تقديم نفسك على الأغلب هو سيتحمل منك ثلاث معلومات -طالما أنها ليست مقابلة وظيفية-: اسمك، وعمرك، ووظيفتك.
وأي معلومة أخرى يجب أن تكون رائعة لدرجة تهز المستمع -يمكن حرفيًا- مثل مهارة سرية في أكل الأفاعي أو تكسير اللمبات على رأسك دون إحساسك بألم.
فكرة تقديمك المسهب لنفسك فيها من الأنانية وافتراض المكانة ما سيزعج كل من يتحدث معك، ولكن لحسن الحظ عندما تكتب، لن يُمانع أحد أن تجعل كل شخصية تقدّم نفسها على أنها البطل، بل على العكس تمامًا، هذا ما يجدر بك فعله.
الرجل الشرير صاحب الأنف الضخم
يقول الروائي “جون بارث”: “كل شخص هو -بالضرورة- البطل في قصة حياته” لذلك، وكما يملك الإنسان هذه النزعة بأن يفكّر بنفسه كالشخصية الأهم في سياقه، يجب أن تكتب شخصياتك بنفس الطريقة.
وصف الرجل في عنوان هذه الفقرة هو من أسوأ أنواع الأوصاف التي يقع فيها الكُتّاب باستمرار. الرجل الشرير صاحب الأنف الضخم ربما يعرف أن أنفه عملاق لأنه سبق ولمحه في مرآة، ولكنه لن يصف نفسه كشخصٍ شرير أبدًا، ويجب ألا تصفه بذلك سواءً في مرحلة الإعداد أو في مرحلة كتابة القصة.
بل هل سبق وسمعت أحدًا يصف نفسه بالـ “رجل الشرير”؟ أتحدى أن يكون جوابك نعم، حتى هتلر آمن بأنه رجلٌ صالح.
يقول الكاتب جورج أر أر مارتن: “لا أحد يعتبر نفسه الشرير في قصته” ويُكمل إرنست همنغواي فكرتنا بقوله: “وظيفة الكاتب ألا يحكم (على شخصياته)، بل أن يحاول أن يفهم”.
بصفتك كاتبًا، يجب أن تكتب شخصياتك جميعها على مبدأ نظرتها البطولية لنفسها، بالطبع للبطل مميزات وسبر أغوار للشخصية يستحيل أن تُطبّق على جميع الشخصيات -إن لم ترد أن تصل قصتك لأربعة آلاف صفحة- لكن في مرحلة الإعداد للقصة يجب أن تكتب كل شخصية بطريقةٍ تجعلها تظن أنها بطل القصة.
يظهر إيمانها ببطولتها في التفاصيل: حواراتها، ولغة جسدها، وبإسهابها بتعريفها بنفسها حتى. فلا تكتب شخصية لا تعرف عنها إلا اسمها، وعمرها، ووظيفتها. وإن فعلت ولم تسمح لشخصيتك أن تعرف عن نفسها في أربعة سطور على الأقل، فأنت أوقعت بشخصياتك في شرك الشخصيات الكرتونية أحادية الأبعاد، شخصية الرجل الشرير ذات الأنف الضخم.
جميل … مقالة جداً جميلة ، ولمغرفتي الشخصية بوالدك المربي الفاضل الاستاذ/ عبدالرحمن… حفظه الله ، استغربت اسهابك في تعريف نفسك ، وشدني الفضول والاستغراب كيف يكون لمن يغرس الفضيلة في تربية النشء ان يكون له ابن يكتب عن نفسه بهذه المقدمة ؟! مماشدني لقرائة كامل المقال لعل ذلك من باب الثقة بالنفس وليس من باب ( انا ) ، وما كدت افرغ من سطر حتى يشدني الآخر…. في زمن لا ماكان للقرائة ( احسنت 🌹)