تزخر كتب التاريخ وأدب الرحلات بما كتبه الرحالة عن مشاهد الحج القديم، من الكتب الشهيرة كتاب «تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار» لصاحبه ابن بطوطة، (توفي سنة 1377م)، الذي بدأ رحلته الحجازية من دمشق، ووصف الطريق وارتحالهم عبر بصرى إلى تبوك، ومن بعدها إلى طيبة مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم، مقدمًا معلومات عن محطات الرحلة، وعادات ركاب الحج من الشام، كما وصف طيبة وحرمها الشريف، وتفصيلات دقيقة لمسجد رسول الله، الذي قال عنه: إنه مستطيل، وتحفة في جهاته الأربع بلاطات دائرة به، ووسطه صحن مفروش بالرمل، كما يدور بالمسجد الشريف شارع مبلط بالحجر المنحوت، والروضة المقدسة صلوات الله وسلامه على ساكنها، في الجهة القبلية مما يلي الشرق من المسجد الكريم، وشكلها عجيب لا يتأتى تمثيله، وهي منورة بالرخام البديع النحت الرائق النعت، كما وصف مكة المكرمة فقال: “مدينة كبيرة متصلة البنيان، في بطن واد تحف به الجبال، فلا يراها قاصدها حتى يصل إليها..”، وقال عن المسجد الحرام: “في وسط البلد متسع الساحة طوله من شرق إلى غرب أزيد من أربعمائة ذراع، والكعبة العظمى في وسطه..”، وذكر الحجر الأسود والمقام الكريم والطواف وزمزم، وأبواب المسجد وما دار به من المشاهد، وأتى على ذكر علماء الحجاز وأهلها وفضائلهم، وروى مجموعة من الحكايات في سياقات مختلفة تعطي تفاصيل عن الحج وعاداته، فقال: “إذا كان في أول يوم شهر ذي الحجة تضرب الطبول والدبادب في أوقات الصلوات بكرة وعشية، إشعارها بالموسم المبارك، ولا تزال كذلك إلى يوم الصعود إلى عرفات..”
0