المقالات

رامه: سميتك غرامي أنتِ أحلى الأسامي

تلك كانت مُداعبة والدي -رحمة الله عليه- لحفيدته، رامه ابنتي، ياغرامي يا أبي حين عجّلت الرحيل، يا غرامي يا أبي حين طويت العمر الجميل، يا غرامي يا أبي كيف أُفيق، ولا أسمع صوتك يناديني يا ولدي.

أعلم أن كل أب عزيز على ذويه، ولكن عندما يكون الأب بالغ التأثير في حياتنا وحياة أمي الغالية نوال، فقد كان رائع التعامل معنا، عاشقًا لأسرته وبنيه، محبًا لأحفاده وذويه، كان معلمًا للغة العربية، مما زاد من ثقافته وقراءته، كان يعرف كل شيء من خلال عُمق اطلاعه وحسن ثقافته، كان محبًا للتراث والفنون، مما زاده تحضرًا وتسامحًا، هذه الشخصية بتكوينها المتعمق، أفرزت رجلًا شديد الطيبة والنقاء، رجلًا شديد الاطلاع والذكاء، رجلًا محبًا للبشر، رجلًا حنونًا مداعبًا للصغار، كان ناصحًا وداعمًا للكبار، وكم أصلح بيننا كثيرًا لأنه المتسامح، أبي ذلك الشريان المتدفق من المعلومات التي تغذي عقولنا، دائمًا كان يبهرنا بثقافته، وكان داعيًا للصلح بيننا رافعًا شعار الدين وهو الصلح خير، أبي ذلك المربي والمعلم والمثقف والسند حتى يوم وفاته، أبي ذلك الجبل المتحمل لكل المسؤوليات تجاهنا، ما تأخر عنا قيد أنملة، تربية ونصحًا وإرشادًا ومعونة، كان والدي إحساسه في البيت منتشرًا، ملأه حبًا وتآلفًا، كان عندليبًا حين يدنن مع نفسه، ويسمعنا شيئًا من تراثنًا، كان أرشيفًا ناطقًا حين نسأله عن كل شيء، رحم الله أبي ذا الحديث الآثر، ما جالس أحدًا، ولا خاطب أحدًا إلا وتعلق به، أدبًا وثقافة وإعجابًا، أبي هل كنا نحبه لأنه المعلم أم لأنه القدوة، أم لأنه الأب، أم لأنه الزوج الشهم، أم لأنه الحنون، أم لأنه الصديق، أم لأنه الراحة والأمان، نعم نحبه كلنا لكل هذه الأسباب، كان نسيمًا يتخللنا، وكان عبيرًا نشتمه، وكان كلامًا قيمًا نسترشد به، وكان حكيمًا نترك له أمورنا وقت الشدة، كان متفانيًا في عمله، مجتهدًا في بيته، مختلفًا في طباعه، متفردًا في ثقافته، متدفقًا كالخير الوفير، إنه أبي الذي أنجب مارزي، خلود، دينا وأنا. كان هو صمام الأمان لنا جميعًا، رحل والدي! وهذا قضاء الله وقدره، اللهم ارحمه وأكرمه وعامله بكرمك يا أكرم من سئل، اللهم اجزه عنا خير ما جازيت به أبًا عن أهله، اللهم بلغه منا وعنا كل سلام ودعاء ورجاء، أبي هذا ليس رثاءً لك، ولكنه عرفانا بفضلك، واعترافًا بدورك وتقديرًا لسيرتك، واعتذارًا عما بدر منا، ووعدًا بأن نلقاك في جنات الخلد سعيدًا بشوشًا محبوبًا من كل خلق الله، ولقد كنت لنا عملاقًا تطاول السماء وتعانق القمر، لأنك والدي الذي قلما تتكرر نسخه.

يا غرامي يا أبي، أبيت أن تلقى الله إلا نقيًا، على مُصلاك، بعد أن أتممت الفريضة، وأفاضت الروح لبارئها متيقنًا بأن الرحمن سيرحمك، وأن الذين تركتهم خلفك، إنما هم امتداد لما بذرته من الخير، ماضين في أثرك، مسترشدين بما علمتنا، سائلين المولى أن يغفر لك ويرحمك، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، إنا لله وإنا إليه راجعون.

3 Comments

  1. رحم الله خالي وابي الثاني طلال واسكنه فسيح جناته
    وبارك الله لنا فيك
    دكتور محمد
    وفي ذريتك راما وطلال وانبتهم النبات الحسن يارب العالمين

  2. رحمك الله يا عم طلال واسكنك فسيح الجنان واسأل الله أن يلهمكم الصبر والسلوان وان يجمعنا بمن فقدناهم في مستقر رحمته في جنات الفردوس اللهم آمين

  3. رحم الله إبن الخال العزيز السيد/ طلال عباس مساوى. نعم مثل ماسطر الإبن عن أبيه. ذلك هو طلال بالغ الشياكة لم أراه يوماً إلا في قمة أناقته و لم أسمع منه إلا كل لفظ جميل. رحم الله العزيز طلال و أسكنه فسيح جنانه و الهم أسرته الكريمة الصبر و السلوان.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button