بمناسبة عيد الأضحى المبارك، وبهذه المناسبة السعيدة، التي من الممكن تقديم البرامج الترفيهية فيها، والاحتفالات، والمسابقات الثقافية، والجوائز والألعاب في اللقاءات العائلية، وتقدم أيضاً للحجاج في المخيمات بمشعر منى، فأيام الأعياد “أيام أكل وشرب وذكر لله تعالى” كما قال المصطفى صلى الله عليه وسلم، وأيام يوسع فيها على الأبناء، وتقدم لهم الهدايا والعيديات والحلوى، والملابس الجديدة، ويحتفل المسلمون بالأضحى سنوياً بعد وقفة يوم عرفة خلال الحج حيث يقومون بذبح الأضحية وتوزيع لحومها على الأقارب والفقراء. ويحتفلون بعيد الأضحى على مدى أربعة أيام يتخللها نحر الأضاحي واللقاءات العائلية، والاحتفالات التي تدخل الفرح والابتهاج إلى النفوس.
وللخروج عن المألوف في كتابة المقالات، وإدخال الأنس والسرور على القاريء الكريم، خطرت على بالي فكرة، وهي المشاركة، بمناسبة العيد السعيد، بمقال طريف وحدث واقعي حصل مع محبكم الكاتب، وهذا الحدث يرتبط بكلا العيدين عيد الفطر وعيد الأضحى، بمعنى أنه من المناسب أن يتم طرح هذا الموضوع في كلا العيدين لاشتراك الحدث بينهما.
لقد حصل معي هذا الموقف في أواخر العقد الثاني من عمري تقريباً، وفي بداية مواظبتي على الصلاة في مسجد الحي، وفي أيام عيد الفطر تحديداً، فكما هو معروف أن عيد الفطر يوم واحد فقط، ولكن ما اعتاد عليه الناس، هو تمديده إلى أكثر من يوم، أقلها ثلاثة أيام وأكثرها قد يصل إلى أسبوع وربما اسبوعين وذلك حتى تنتهي العوائل من جدول العزائم الطويل، وليتمكنوا من تلبية جميع دعوات الولائم، وفي بعض العائلات كبيرة العدد، يضطرون لتقسيم اليوم على عائلتين، عائلة تقدم وليمة الغداء، والعائلة الأخرى تقدم وليمة العشاء وهكذا، لذلك أعتدنا عُرفاً على تمديد أيام عيد الفطر إلى أيام عديدة وليس يوماً واحداً كما هو منصوص عليه شرعاً.
أما تفاصيل الموقف أو الحدث الطريف والمحرج الذي وقع معي وهو التباس الأمر عليّ بين عيد الفطر وبين عيد الأضحى، رغم أني كنت أعلم مسبقاً أن تكبيرات العيد لمدة أربعة أيام تكون فقط في عيد الأضحى المبارك، ولكن التبس عليّ الأمر، فكما هو معروف أن تكبيرات عيد الفطر تنقطع بعد صلاة العيد (المشهد) مباشرةً، وأما تكبيرات عيد الأضحى سواءً التكبير المطلق خلال أيام العيد الأربعة، أو التكبير المقيد وهو الذي يكون بعد كل فرض صلاة، ويستمر أيضاً لمدة أربعة أيام، أي طيلة أيام عيد الأضحى التي توافق الأيام التالية: ( ١٠ ، ١١ ، ١٢ ، ١٣ ) من شهر ذي الحجة، وأما الالتباس الذي وقع معي، هو أني كنت في عيد الفطر، وبعد كل أداء فرض الصلاة في المسجد، أقوم مباشرةً بأداء تكبيرات العيد جهراً طيل مدة أيام العيد، لهدفين، أولاً إحياء سنة التكبير المقيد بعد كل فرض صلاة، وثانياً لتذكير المصلين بها فكنت أبدأ التكبير وكان يكبر معي بعض المصلين، وهذا ما شجعني على الاستمرارية، ولكن في اليوم الثالث بعد يوم العيد تقريباً، وبعد الانتهاء من التكبيرات وقبل أن أغادر المسجد، حضر إليّ إمام المسجد ومعه المؤذن- رحمهما الله- وبكل أدب واحترام سلما عليّ وهنآني بعيد الأضحى، ثم استفتاني الامام بطريقة مهذبة، هل تكبيرات العيد تستمر بعد فروض الصلاة عدة أيام في عيد الفطر، أم يكون ذلك فقط في عيد الأضحى؟! حتى أني شعرت أنه يستفتيني فعلاً، وعندما صدّقت نفسي أنني مفتى، وكنت أراجع الموضوع في رأسي، وأدركت وقتها الأمر وزال الالتباس مني، وأفتيته وكلي خجل، ثم بين لي أنه كان يعلم أني مخطئ ، ولكنه فضّل تنبيهي إلى الخطأ بسؤال لعدم إحراجي.
بعد هذا الموقف، تعلمت من إمام المسجد، أن تقديم النصيحة للآخرين من الجميل، ومن اللباقة، والاحترام والتقدير، أن تكون بالأسلوب الاستفهامي، وأفضل من تقديمها بالأسلوب التعليمي، وتفادياً لعدم إحراج الطرف الآخر.
تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال والطاعات، وحجاً مبروراً وسعياً مشكورا، وعيد أضحى مبارك وسعيد، وعساكم من عواده، وكل عام وأنتم بخير وصحة وسلامة.
* أخصائي اجتماعي أول – ماجستير خدمة اجتماعية – ممارس في المجال النفسي والإدمان