تسير المملكة العربية السعودية وفق قيم راسخة واستراتيجيات واعدة وخطى ثابتة لمستقبل مشرق بحول الله وقوته، مُنطلقة نحو رؤية طموحة؛ تواجه الأزمات بوعي، وتتخذ القرارات بحزم، تنأى بِسمعها عن المهاترات، وَتترفع بمكانتها عن الزلات، فعبثًا حاول المغرضون عبر الإعلام الغربي ولسنوات طويلة تشويه سمعة السعودية، واختلاق المواقف وافتعال الأحداث وسرد التحليلات والتكهنات، وعبثًا حاولت الإدارات الأمريكية تجاهل مكانة المملكة العربية السعودية العربية والإقليمية والعالمية، والسياسية والاقتصادية، إلا أن الشمس لا يحجُبها غُربال، والواقع يؤكد وبكل قوة أنه لا يَصِح إلا الصَحِيح، إن التبريرات التي سردها بايدن في مقاله “لماذا سأذهب إلى السعودية” دليلًا ماديًا واعترافًا مُعلنًا بالخطأ الاستراتيجي الذي ارتكبته الإدارة الأمريكية على الصعيد الدبلوماسي والاقتصادي حيال علاقتها بالسعودية، واليوم أدركت الإدارة الأمريكية يقينًا مكانة المملكة وثُقلها السياسي والاقتصادي، وقوة تأثيرها في صناعة القرارات؛ لذا تسعى الإدارة الأمريكية إلى تعزيز ودعم الشراكة مع السعودية اقتصاديًا وسياسيًا وعسكريًا وأمنيًا، فالأحداث الأخيرة في العالم والتقلبات السياسية والحرب الروسية الأوكرانية وتداعياتها على الاقتصاد العالمي، وتبدُل المُعطيات الدولية وتعدد أقطاب التأثير الدولي وظهور القطبي الصيني والروسي في الأفق وتوسُع علاقتهما مع دول الشرق الأوسط والسعودية تحديدًا؛ أعاد ترتيب الأوراق، كما أن القوة الداخلية والخارجية للمملكة وتأثيرها النوعي على التوازن السياسي والاقتصادي العالمي بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمير محمد بن سلمان أيدهما الله؛ جعلت الإدارة الامريكية تُدرك ذلك الخطأ وتعيد حساباتها وتعي أهمية بل ضرورة السعي إلى بناء علاقات أكثر اتساعًا وعمقًا وفاعلية مع المملكة. لقد حرصت المملكة العربية السعودية عبر تاريخها على احترام خصوصية الشعوب، وتؤكد دائمًا على ضرورة عدم المساس بسيادة واستقلالية جميع الدول، فلا تتدخل في الشؤون الداخلية لأي دولة، وهي بالمقابل لا تسمح أن يتدخل أحد في شؤونها أو يُملي عليها قراراتها، وهذا ما أدركه العالم حيال قرارات المملكة الثابتة اتجاه العديد من القضايا السياسية والاقتصادية مؤخرًا، سارت المملكة عبر تاريخها قُدمًا وفق ثوابتها الراسخة فمنذ تأسيسها لم تتوانَ يومًا ولن تتوانى عن العمل وفق استراتيجية واضحة للوصول إلى كل ما يحقق المصالح الآنية والمستقبلية لشعبها خاصة، وللأمة العربية والإسلامية عامة، لدول العالم الصديقة كافة؛ مستثمرة مكانتها الاستراتيجية وإمكاناتها السياسية والاقتصادية وثقلها العربي والعالمي بكل مهنية واحتراف، ترجم ذلك عمليًا زيارة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان -رعاه الله- لكل من مصر والأردن وتركيا؛ تمهيدًا لزيارة الرئيس الأمريكي لتوحيد الصف وجمع الكلمة والحفاظ على مصالح الجميع، أن أمن واستقرار الخليج والمنطقة العربية أولى أولويات المملكة؛ وهو مقياس شديد الحساسية يؤثر على أمن واستقرار العالم بأثره، تجتمع السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي والدول العربية المشاركة “مصر، الأردن، العراق” في القمة العربية المصغرة التي دعت إليها المملكة بحضور الرئيس الأمريكي، لصناعة رؤى مشتركة ترمي إلى ضرورة ضمان أمن الخليج والمنطقة بأثرِها، والحد من التهديد النووي الإيراني، والعمل بعُمق وديناميكية على حل العديد من أزمات المنطقة على رأسها القضية الفلسطينية واليمن وسوريا والعراق وليبيا والسودان، يؤمل أن ستشهد المرحلة القادمة العديد من القرارات والإجراءات الفعلية على أرض الواقع فليس للوعود المطاطية الباهتة مكان الآن على الصعيد الأمني أو السياسي أو الاقتصادي، كما ستشهد الأيام القادمة ثمار هذه المساعي المُباركة فيضًا ورخاءً أمنًا وآمانًا إن شاء الله. وأخيرًا صنعت واشنطن حين أدركت كما صرح جون كيربي المتحدث الرسمي السابق باسم وزارة الدفاع الأمريكية عبر قناة CNN قائلًا وبكل وضوح أن:
“المملكة العربية السعودية ليست مفتاح المنطقة فقط، بل مفتاح العالم”.
* استاذ الإدارة التربوية والتخطيط بجامعة ام القرى