عام

الاستعمار الخفي

لا يستطيع الرئيس الأمريكي “بايدن”، ولا الرؤساء الذين كانوا قبله، ولا الرؤساء الذين سيأتون بعده تغيير سياستهم الحالية، لأن أمريكا برمتها ترزح تحت وطأة “الاستعمار الخفي” اللوبي الصهيوني الذي يسيطر على مفاصل الحياة الأمريكية اقتصاديًا وإعلاميًا.
صحيح أن زيارة الرئيس الأمريكي الأخيرة للشرق الأوسط وبالذات السعودية حققت عدة مكتسبات، وصحيح أن “بايدن” أبدى رغبته الحقيقية في تحسين الصورة، وتنمية العلاقات التنموية والطاقة وإنتاج البترول، لكن الخلاصة أن رغبة “بايدن” ونواياه إذا صدقت تفرملها بوصلة اللوبي الصهيوني الذي يتحكم في مسارات السياسة الخارجية لأمريكا، وبريطانيا بشكل واضح.
“الاستعمار الخفي” لم يتحكم في السياسة الأمريكية والبريطانية فقط، بل سيطر على عدة دول، وإيران مثال سلبي للسياسات الخارجية التي تخضع لـ”الاستعمار الخفي” بفكر العمائم السود التي أدخلت البلاد في نفق مظلم منذ بزوغ عمامة الخميني إلى الآن، بل لا أبالغ إذا قلت: إنني التقيت بعدد من الإيرانيين عندما كنت عضوًا في الاتحاد الدولي وفي مناسبات آسيوية، ويشعرون بالقهر والمرارة من كابوس العمائم على حياتهم المعيشية، ويعانون من دوائر الشك حتى فيما بينهم، ويتحسرون على حياتهم قبل الخميني، وما كانوا فيه من رغد العيش وتطور ونماء يقابله الآن تدهور في كل شيء، وقلاقل وفتن لا علاقة لهم بها.

العرب الخونة الأتباع الذين ارتضوا أذناب البقر يعانون الأمرين من “الاستعمار الخفي” الذي ورطهم في التبعية لإيران وأصبحوا في ورطة لا يعلمون كيف يتخلصون من هذه الأوضاع السيئة، فالعراقيون يريدون الخلاص والعودة لعروبتهم، وسوريا العروبة تريد الخلاص من تسلط إيران، وعنجهيتها للعودة للحضن العربي بعزة وكرامة، ويمن الحكمة يريدون الخلاص من سطوة “الحوثيين” والحوثيون يريدون التخلص من إملاءات إيران لهم، والحرب بالوكالة بينما إيران لا تدفع قطرة دم واحدة، ولا يعلم الحوثيون كيف يتخلصون من هذا “الاستعمار الخفي” وكيف يعودون للعيش الكريم مع الشعب اليمني الأبي، ولبنان في مهب الريح بسبب “الاستعمار الإيراني الخفي”، ولا يعلمون كيف يعيدون السلام والوئام لبلدهم الجميل؟
“الاستعمار الخفي” دمَّر دول عدة، والتخلص من الاستعمار العسكري وجميع أنواع الاستعمار سهل، أما “الاستعمار الخفي”؛ فإنه يتغلغل في المجتمعات ويصعب اجتثاثه، يكفي ما يحصل في أكبر وأقوى دولة في العالم حاليًا “أمريكا” يتحكم في انتخاباتها، وسياساتها، ومفاصل حياتها “الاستعمار الخفي”، ولن يستطيع “بايدن” حل دولتي فلسطين كما ذكر نهائيًا، ولن يستطيع وقف المد الإيراني للمنطقة العربية؛ لأن اللوبي الذي يحقق أهداف إسرائيل هو الذي رسم السيناريو.
“الاستعمار الخفي” هو الذي نشر الفوضى الخلاقة، وهو الذي قتل وهجر الأبرياء، وهو الذي حوَّل الشعوب الغنية إلى فقيرة، وهو الذي سرق رغيف الخبز من أيدي فقراء العرب، وهو الذي نشر الرذيلة، والمشردين في أنحاء أمريكا، وهو الذي ملأ الأرض جورًا وفسادًا، فمن تتوقعون الذي يستطيع أن يملأ الدنيًا عدلًا وإنصافًا؟ ومتى يمكن التخلص من “الاستعمار الخفي”؟
فوق كل ذي علم عليم، ويمهل ولا يهمل؛ فسبحان من بيده ملكوت كل شيء وإليه ترجعون ….

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى