منظومة خدمات متكاملة، جنّدتها شركة الزمازمة، لخدمة ضيوف الرحمن في موسم حج 1443هـ، الذي يُعدُّ الأكبر بعد جائحة كورونا، تنفيذًا لتوجيهات مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، وولي عهده الأمين، سيدي صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز – حفظهما الله – لجميع قطاعات الدولة بخدمة حجاج بيت الله الحرام على أكمل وجه وفق الخطط التنظيمية والتشغيلية لموسم حج 1443هـ، وبذل كل ما من شأنه التيسير على ضيوف الرحمن ليؤدوا عباداتهم ونسكهم بروحانية وطمأنينة، في هذا الموسم، ليتم تقديم هذه الخدمة الجليلة لجميع ضيوف الرحمن، بإشراف صاحب السمو الملكي الأمير عبد العزيز بن سعود بن نايف بن عبد العزيز، وزير الداخلية رئيس لجنة الحج العليا، ومتابعة صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل، مستشار خادم الحرمين الشريفين، أمير منطقة مكة المكرمة رئيس لجنة الحج المركزية، ومعالي وزير الحج والعمرة الدكتور توفيق الربيعة، ومعالي نائبه الدكتور عبد الفتاح مشاط، وأركان وزارتهما.
ما شهده موسم حج هذا العام 1443هـ، من خدمات جليلة للزمازمة، كانت ثمرة جهود مُقدّرة ونتاج استعدادات كبرى وجاهزية عالية، للخدمات اللوجستية وخدمات التعبئة والنقل وغيرها، وخطط مُحكمة ومتابعة دقيقة، ونتيجة تطبيق تسعة برامج عمل مرنة وفعّالة ضمتها خطة تشغيلية طموحة، اعتمدت على هيكل تنظيمي يتكوّن من تسع وحدات مُساندة، ترتكز على تقديم خدمات ذات جودة عالية، وتضمن توفير عبوات مبردة من “زمزم”، مجانًا للحجاج الخارج في هذا العام، وذلك عند وصولهم إلى مكة المكرمة، وأثناء إقامتهم بها، وعند مغادرتهم لها، ولتتمكّن من إيصال عبوات “زمزم” للحاج أثناء الاستقبال عند وصوله مركز التوجيه بطريق مكة المكرمة – المدينة المنورة، وذلك بمعدل عبوتين لكل حاج سُلمت له داخل الحافلات على مدار الساعة، وفي مقر إقامته وسكنه، بواقع ثلاث عبوات يوميًا، طيلة فترة بقائه في مكة المكرمة، وكذلك أثناء وجوده في المشاعر المقدسة: (مِنَى، وعرفات، ومُزدلفة)، وذلك بالتنسيق مع شركات الطوافة، وأيضًا توديع ضيوف الرحمن بمركز مراقبة التفويج بطريق مكة المكرمة – المدينة المنورة بعبوات مُبرّدة، بالإضافة إلى تقديم بعض الخدمات الإضافية لمن يرغـب من المؤسسات والشركات العاملة في مجال خدمة ضيوف الرحمن بالسرعة والجودة المطلوبة، حيث تم تجنيد فرق عمل ميدانية تكوّنت من نحو 460 عاملًا و200 موظف لتأمين عبوات زمزم لضيوف الرحمن، وللقيام بتوزيع أكثر من مليون عبوة خلال موسم الحج لهم، من إنتاج مصنع “الزمازمة” الآلي الحديث والمتكامل، وخطوط إنتاجه المهيأة لإنتاج عشرة آلاف عبوة في الساعة الواحدة، والذي بدأ الإنتاج قبل ثلاثة أشهر قبل انطلاق أعمال الموسم، مع تجهيز مستودعات المصنع وفق المواصفات الخاصة بتخزين العبوات. ولتتحدث الأرقام عن نفسها، حيث تمّ خدمة نحو 780 ألف حاج، وتوزيع أكثر من 15 مليون عبوة عليهم، ونحو 6 ملايين لتر من ماء “زمزم”، وخدمة 1.287 مسكنًا، وذلك في المرحلة الأولى من أعمال شركة الزمازمة.
لقد وقفت بنفسي على حرص “شركة الزمازمة” على تنفيذ عدد من المبادرات الجديدة في هذا الموسم، بهدف إثراء تجربة الحاج، حيث اتحدت سواعد كوادرها مع سواعد الهيئة الملكية لمدينة مكة المكرمة والمشاعر المقدسة، لتنفيذ مبادرة: “الماء المبارك في اليوم المبارك”، لسقاية ضيوف الرحمن بعبوات زمزم المبردة، على صعيد “عرفة” الطاهر، وكذلك لتنفيذ مبادرة : “شربة من زمزم”، لسقيا ضيوف الرحمن في منشأة الجمرات أثناء أداء شعيرة الرمي، وفي مسجد البيعة في مشعر منى، حيث تم توزيع نحو عشرة آلاف عبوة من ماء زمزم خلال أيام التشريق. ومن هذه المبادرات النوعية أيضًا، تطبيق مبادرة “الحج الذكي”، والتي تلخّصت في توزيع ماء زمزم عن طريق أجهزة توضع في مساكن الحجاج، وتمثّلت إطلاق شركة الزمازمة أجهزة للخدمة الذاتية، وتدشين لعدد من ثلاجات “بشرى زمزم” الذكية، وذلك في عشرة مواقع خدمة مساكن الحجاج بمكة المكرمة، مكّنت ضيوف الرحمن من الحصول على ثلاث عبوات من ماء زمزم يوميًا بدون تدخل بشري من مقدمي الخدمة، وذلك بواسطة بطاقة الحج الذكية، وعبر “باركود” مخصص لذلك، وقد تم تطبيق هذه التجربة بشكل محدود، تمهيدًا لتعميمها في مواسم الحج المقبلة، وقد تضمّنت هذه المبادرات، توقيع اتفاقية تعاون مع مجمع فنادق برج الساعة المطلة على الحرم المكي الشريف، لإدخال أجهزة الخدمة الذاتية لزمزم، وتوفير عبوات ماء زمزم داخل الغرف الفندقية. وفي لفتة إنسانية تجلّت فيها كل القيم والمعاني الإنسانية، أطلقت شركة الزمازمة والتجمع الصحي بمكة المكرمة، مبادرة: “زمزم.. شفاء سقم”، للمنومين من حجاج بيت الله الحرام في مستشفيات مكة المكرمة والمشاعر المقدسة، خلال موسم الحج. ومن المبادرات المميزة واللافتة للنظر، تنفيذ شركة الزمازمة – ولأول مرة – معرض: “حكاية الماء والسقيا”، في المشاعر المقدسة، وذلك بإشراف الهيئة الملكية لمدينة مكة المكرمة والمشاعر المقدسة، والذي ضم جناحين وسبعة أقسام حوت ستة مجسمات ضخمة، منهما مجسمان لبئر زمزم ومقام سيدنا إبراهيم، و120 تحفة أثرية نادرة و70 صورة تاريخية، وثّقت تاريخ السقيا في الحج، ومراحل التطورات التي شهدتها في العهد السعودي الزاهر، وأتاحت معلومات تاريخية حول سقيا الحجاج منذ القدم إلى العصر الحالي، كما احتوى المعرض على جناح تفاعلي، أتاح للزائر تجربة المُشاركة في تطريز كسوة الكعبة المشرفة.
وممّا سرّني وأثلج صدري، أنّ موسم حج عام 1443هـ، قد حفل بكثير من المُستجدات الخدمية الخاصة بالزمازمة، ولعل منها تنفيذ “مشروع التحول الرقمي”، بما يتوافق مع توجيهات الحكومة الرشيدة – أيدها الله – في تطبيق معايير الحوكمة والجودة، وتنفيذ خطة التحول الرقمي المنسجمة مع مُستهدفات رؤية السعودية 2030، وذلك برقمنة جميع إجراءات العمل ومراحله، وذلك بدءًا من استلام عبوات “زمزم” من مركز التعبئة الآلية الخاص بشركة الزمازمة، وحتى وصولها إلى الحاج الكريم، مع الحرص على أن تكون نحو80% من سيارات النقل مبردة هذا العام، حيث تمّ تجهيز نحو 60 سيارة، مصممة خصيصًا لتوزيع ماء زمزم على مساكن الحجاج. ومن هذه المُستجدات كذلك، إلغاء العبوات سعة 20 لترًا، واستبدالها بأربع عبوات سعة 330 مل، وُزعت على الحاج كل يوم طوال فترة إقامته بمكة المكرمة. ومن هذه المستجدات أيضًا، إنشاء منصّة آلية للقيام بجميع المهام التي شملت: (التوزيع، والنقل، والمتابعة)، إلى جانب الحرص على وضع باركود QR Code على عبوات “زمزم” المُقدّمة، لتوضح للحاج كيفية طلب الخدمات الأساسية والإضافية. وكذلك استحداث أول مركز تحكم ومراقبة ومتابعة تقنية، يتصل بمنصة توصيل إلكترونية وبرنامج رقابة ومتابعة تقني، كأول تجربة من نوعها في تاريخ الزمازمة، ويُدار بواسطة طاقم نسائي، ليشهد موسم حج هذا العام، أكبر مشاركة للكوادر النسائية في تقديم ماء زمزم للحجاج في مراكز الاستقبال، وفي مختلف مجالات العمل الميداني والإداري، مع قيام فرق عمل ميدانية بمقابلة الحجاج والتأكد من وصول “زمزم” إليهم، وقياس مستوى الخدمة ومدى رضا الحاج عنها، ومعرفة شعوره بعد حصوله على ماء زمزم المبارك.
ختامًا؛ لقد أسهمت هذه الجهود الكبيرة لكوادر شركة الزمازمة وطاقاتها البشرية، في تقديم هذا الماء المبارك لجميع ضيوف الرحمن، وتمكينهم من أداء نسكهم بكل يسر وطمأنينة وسلام، وبالتالي في تنفيذ خطّط الحج العامّة، وفي ما تحقق من نجاحات قياسية لموسم حج 1443هـ, والذي تحقق بفضل الله سبحانه وتعالى، وبتوجيهات القيادة الرشيدة – أيدها الله – وبتضافر جهود جميع القطاعات والأجهزة العاملة في منظومة الحج، وذات العلاقة به.
وما التوفيق إلّا من عند الله سبحانه وتعالى….
* أستاذ الهندسة البيئية والمياه المُشارك، بكلية الهندسة والعمارة الإسلامية بجامعة أم القرى.