إن المُتابع لمسيرة “التعليم” في بلادنا الغالية، يلحظ الحراك الكبير الذي يقوده صاحب المعالي وزير التعليم، الدكتور حمد بن محمد آل الشيخ، بمعاونة ومساعدة نائبه للجامعات والبحث والابتكار، معالي الدكتور محمد بن أحمد بن تركي السديري، وأركان وزارته، لإحداث نقلات نوعية مشهودة وقفزات تطويرية كبرى في هذا المجال الحيوي والمهم، تنفيذًا لتوجيهات قيادتنا الرشيدة – أيدها الله – بقيادة مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، وسيدي ولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع – رعاهما الله -، بتطوير التعليم والارتقاء به وتعزيزه؛ وذلك بهدف بناء جيل واعد يمتلك ثقافات متنوِّعة ترتكز على تعليم راسخ، ولمواكبة ما تحظى كل مراحل التعليم من تعليم عام، وتعليم عالٍ، ومهني، أو تعليم ذوي الإعاقة، من عناية قصوى ورعاية كبيرة، وليشهد توفير كل ما يتناسب مع احتياجات كل مرحلة ومتطلباتها من جهة، ولتحقيق مُستهدفات رؤية السعودية الطموحة 2030، التي اهتمت بـ”التعليم”، وجعلت منه محورًا مهمًا من محاورها وركيزة أساسية من ركائزها، بهدف التحوّل إلى المجتمع المعرفي القائم على الثقافة الكبيرة والمعلومات الواسعة، حيث أشارت إلى وجوب تطوير التعليم والبحث العلمي من جهة أخرى.
ممّا لا شكّ فيه أنّ لقطاع التعليم أهمية كبرى، حيث يُعدُّ من القطاعات الحيوية المُرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالمجتمع، كما أنّ له صلة وطيدة بتنمية الاقتصاد الوطني، وتأثير محوري في دفع عجلة الاقتصاد الوطني، وإسهام مُقدّر في تحويل الاقتصاد من الاعتماد على مصدر واحد للدخل، إلى اقتصاد يعتمد على العقول ذات المهارات العالية، والطاقات البشرية المُبتكرة والمُبدعة والمُنتجة، وليُسهم التعليم في تطوير رأس المال البشري، وفي تحقيق متطلبات سوق العمل واحتياجاته. كما يُعدُّ “قطاع التعليم”، من أهمّ دعائم الدول المُتقدِّمة التي تسعى للريادة والتميز، وضرورة حتمية من ضرورات المجتمعات التي ترغب في أن تكون في مصاف الأمم المُتقدِّمة والمُتحضِّرة، وذلك بإتاحته فرص التعليم المُلائم لمختلف الطلاب والطالبات، وتوفير بيئة تعليمية مُحفِّزة على الإبداع، مع العمل المتواصل على توفير العديد من الفرص التعليمية في الداخل والخارج.
لمواكبة هذه الأهداف وتحقيق هذه التطلعات، ولتحسين جودة مخرجات التعليم بما يتواءم مع متطلبات سوق العمل الوطني والإقليمي والعالمي، وبهدف تعزيز الرفع من الكفاءة التنظيمية للجامعات وتحسين الأداء الأكاديمي والإداري، من خلال تقليص مستوى البيروقراطية في الجامعات ورفع مستوى الرشاقة التنظيمية وفقًا للمعايير الدولية لتعزيز كفاءة منظومة الجامعات، أصدر “مجلس شؤون الجامعات” برئاسة معالي وزير التعليم الدكتور حمد بن محمد آل الشيخ، مؤخرًا عددًا من القرارات التطويرية للجامعات في حزمتها الأولى، والتي تضمّنت اعتماد تصنيف نماذج الجامعات السعودية إلى خمس فئات وفق رسالتها واختصاصاتها هي: (شاملة، وتدريسية، وبحثية، وتخصصية، وتطبيقية)، وفق عدة معايير نوعية أساسية لهذه النماذج الخمسة، أبرزها؛ (مؤشرات الأداء الرئيسة، والهدف، ونوع البرامج التي تقدمها الجامعة، وهيكلها التنظيمي، والنموذج التشغيلي لها، والتمويل والكفاءة المالية، والتحاق الطلبة بها).
كما قرّر “مجلس شؤون الجامعات”، تعديل المادة السابعة من اللائحة الموحّدة للدراسات العُليا في الجامعات الصادرة بقرار مجلس التعليم العالي رقم (3/6/1417) وتاريخ 26/8/1417هـ، لتكون بالنص التالي: يضع مجلس الجامعة المعايير التفصيلية لإقرار برامج الدراسات العليا، مع التقيد بما يلي: أن تكون الجامعة حاصلة على الاعتماد المؤسسي من هيئة تقويم التعليم والتدريب، وأن يكون برنامج البكالوريوس في ذات التخصّص حاصلًا على الاعتماد البرامجي من هيئة تقويم التعليم والتدريب أو من إحدى الهيئات الدولية التي تعتمدها الهيئة، لإقرار برنامج الماجستير، وأن يكون برنامج الماجستير في ذات التخصّص حاصلًا على الاعتماد البرامجي من هيئة تقويم التعليم والتدريب أو إحدى الهيئات الدولية التي تعتمدها الهيئة، لإقرار برنامج الدكتوراة، كما نصّ القرار على ضرورة تقيد والتزام الجامعة عند إقرار برامجها بالتصنيف السعودي الموحّد للمستويات والتخصصات التعليمية، والإطار الوطني للمؤهلات بالمملكة العربية السعودية.
كما شملت قرارات “مجلس شؤون الجامعات” أيضًا، ترشيد عدد الوكالات في الجامعات إلى أربع وكالات كحدٍ أقصى، وترشيد عدد الوكالات في الجامعات الناشئة إلى ثلاث وكالات كحدٍ أقصى، وترشيد وكالات الكلية في جميع الكليات إلى وكالتين كحدٍ أقصى، ودمج عمادة خدمة المجتمع مع الكلية التطبيقية في المقر الرئيس للجامعة، وإنشاء وحدة أو إدارة لخدمة المجتمع ترتبط بأحد وكلاء الجامعة، وكذلك تحويل جميع العمادات المُساندة ذات الطبيعة التنفيذية في الجامعات إلى إدارات، حيث إن طبيعتها إدارات تنفيذية، وليست وحدات أكاديمية باستثناء العمادات التالية: (عمادة القبول والتسجيل، وعمادة شؤون الطلاب، وعمادة التطوير والجودة)، إضافةً إلى عمادتين أخريين كحد أقصى يختارهما مجلس الجامعة، وفقًا لاحتياج الجامعة وتوجهاتها، والرفع بذلك لمجلس شؤون الجامعات. كما نصّت هذه القرارات على ترشيد المراكز في الجامعات الناشئة على أربعة مراكز كحد أقصى، وذلك بدمج القائم منها أو إلغائها أو تحويلها إلى إدارات أو وحدات، على أن يُخصّص المركز الأوّل للكليات العلمية، والمركز الثاني للكليات الصحية، والمركز الثالث للكليات النظرية، والمركز الرابع في مجال اهتمامات الجامعة وتوجهاتها، مع قصر تعيين أعضاء هيئة التدريس لرئاسة تلك المراكز، وعدم تعيين نواب أو مُساعدين أو مُستشارين لهم من أعضاء هيئة التدريس، كما أكّدت القرارات الصادرة على التقيّد بالمناصب والمسميات النظامية المنصوص عليها في نظام مجلس التعليم العالي والجامعات ونظام الجامعات ولوائحهما، وإلغاء جميع المناصب والمسميات المخالفة لذلك.
مع التأكيد على أهمية الالتزام بتطابق البرامج الأكاديمية المُتناظرة في كليات المحافظات بما يتوافق مع الخطط الدراسية ومعايير القبول والاختبارات في المقر الرئيس للجامعة؛ وذلك لضبط جودة مدخلات وعمليات ومُخرجات الجامعة في كل فروعها، وتحقيق مبدأ العدالة وتكافؤ الفرص بين الخريجين في مركزها الرئيس وفروعها، وفقًا للأنظمة واللوائح. ومن هذه القرارات كذلك، ضم بعض الكليات في المحافظات إلى الكليات والأقسام المُناظرة لها في المقرات القريبة منها أو الرئيسة للجامعات، على أن يتولى مجلس كل جامعة منها مُعالجة أوضاع الطلبة وتسكينهم في الأقسام المُناظرة ومعادلة المقررات التي سبق أن درسوا فيها، دون أن يؤثر ذلك على حقوقهم المكتسبة فيما يتعلق بمعدلاتهم التراكمية وتقديراتهم العامّة. كما اعتمد المجلس كذلك قرارًا بمعالجة أوضاع فروع الكليات والأقسام والشُعب التي لم يصدر بإنشائها قرارات من المجلس أو مجلس التعليم العالي، مع مراعاة استكمال الطلبة المسجلين فيها حتى تخريج آخر دفعة، ومع استيعاب الطلبة الجدد في برامج الكليات التطبيقية أو برامج الكليات القريبة منهم أو في المقر الرئيس للجامعة، وفق التخصصات المُستهدفة، وبما يتواءم مع احتياجات سوق العمل.
هذه القرارات التطويرية الفعّالة وغيرها، تأتي ضمن إطار سعي “مجلس شؤون الجامعات”، برئاسة معالي وزير التعليم الدكتور حمد بن محمد آل الشيخ، لرفع كفاءة عمليات أداء ومُخرجات منظومة التعليم الجامعي، بما يتواءم مع أفضل المُمارسات العالمية للمؤسسات الجامعية، لتُلبي احتياجات المجتمع كافة، وتُحفزُ على الابتكار التقني والتفوق الأكاديمي والبحثي، ولتكون دافعًا لمنافسة المُتخرجين منها للسوق المحلي والإقليمي والعالمي، وكذلك بهدف تعزيز التمايز بين الجامعات، وللرفع من درجة التخصصية والتركيز ورفع كفاءة تشغيلها، والرفع من مستوى القيمة المُضافة للمجتمع والوطن، مع الحرص على إيجاد خارطة طريق لتركيز إستراتيجيات الجامعات السعودية، وتعزيز كفاءتها، وتجويد نواتجها، وفق المعايير والمؤشرات الدولية.
ونسأل الله سبحانه وتعالى التوفيق والسداد،،،
* أستاذ الهندسة البيئية والمياه المُشارك، بكلية الهندسة والعمارة الإسلامية بجامعة أم القرى.