مهنة (القبالة) هي مهنة تضرب جذورها في عُمق التاريخ البشري لدواعي الحاجة والضرورة وحسب متطلبات العصر ونمط الحياة لدى الناس؛ حيث سمعنا من أمهاتنا وجداتنا بأن القابلة هي امرأة من نفس الأسرة لديها حس بشري لمساعدة الأخريات، فوهبت نفسها كمتطوعة لمساعدة المرأة الحامل على الولادة عندما يحين وقتها، وتلك القابلة لم تكن مؤهلة علميًا ولا طبيًا، ولكنها تمتلك روح التعاون والإيثار في مساعدة الآخرين، وذلك لدواعي الحاجة وعدم وجود المستشفيات والأطباء في المجتمعات البدائية، وعند ذلك كان لا بد من التأقلم مع ظروف الحياة القاسية والواقعية التي كان المجتمع يعيشها، وبفضل الله سبحانه وتعالى وتسخيره لعباده فقد علم بحالهم ومآلهم، فسخر لهم القابلات من أسرهم، وأرشدهم إلى الصواب، وكانت القابلة تكتنز معارف فطرية تجعلها تقوم بذلك العمل الإنساني النبيل كما يجب، وتنجح مجهوداتها في أغلب الحالات بقدرة الله الذي يعلم الحال والمآل، رحم الله أمهاتنا وجداتنا وأجيالنا السابقين والسابقات، الذين تحملوا عبء الحياة وتعايشوا مع ظروفها وأحوالها القاسية والواقعية، وصولًا إلى استمرار الحياة واكتمال عمارة الأرض التي أمر الله بها حتى قيام الساعة، تحت أمره ورعايته، فهو -جل جلاله- الذي سخر لعباده المعرفة الفطرية والتعامل الإنساني بالأسلوب المتوفر والمتاح، لمواجهة الحياة والمحافظة عليها، وهكذا هي نواميس الحياة المتغيرة والمتطورة حسب أوضاع ومعطيات العصر الزمني قديمًا وحديثًا ..
واستنادًا إلى تلك الجذور لتأصيلها بالعلم وتأطيرها بالمعرفة، عادت جامعاتنا إلى جذور مهنة (القبالة) حيث قننتها وأطرتها بما يتفق مع معطيات العصر من العلم والمعرفة والتأهيل، وذلك لأهمية المهنة وضرورتها، فقررت عدد من جامعاتنا إدراج تخصص (القبالة) ضمن مرحلة البكالوريوس استجابة لمتطلبات السوق، وبالتالي أخضعت المهنة للتعليم وأطرت بالتاهيل من خلال إصدار التصاريح الرسمية التي تعتبر شرطًا أساسيًا لممارسة مهنة (القبالة)؛ لتبقى وتستمر في ثوبها الجديد، وفي إطارها الطبي والمعرفي..
0