قال صاحبي: ماذا يحدث في العراق، هل هو صراع داخل البيت الشيعي، ما أسبابه، ومن يقف خلفه، وما الموقف الدولي، وأخيرًا ماذا سيحدث؟
ما يحدث اليوم في العراق، ظهرت إرهاصاته مبكرًا منذ محاولة الطعن في نتائج الانتخابات العراقية، محاولة اتباع إيران تشبه حرف الفرات عن مساره، والكل يعلم المخاض السياسي العسير الذي مرت به العراق بعد أحداث أكتوبر2019، ووصول رئيس وزراء ليس له انتماء حزبي أو مذهبي، كان ولاؤه للعراق، الذي شهد انتعاشًا اقتصاديًا وسياسيًا، لم يكن آخرها مؤتمر بغداد للتعاون والشراكة الذي شاركت فيه تسع دول عربية وأجنبية؛ إضافة إلى عدة منظمات إقليمية ودولية.
ما يحدث اليوم في العراق لا يمكن عزله عن المشروع الصفوي في المنطقة العربية، حتى تحول المنجل الشيعي إلى مستطيل، وغدت طهران على حدود الأردن الشمالية، وبدأت أذرع إيران في المنطقة تنشط هذه الأيام في أحداث العنف، أو الاستعداد له، في العراق وسوريا ولبنان واليمن، فالوضع السياسي أصبح متأزمًا وقابلًا للانفجار بمجرد وصول إشارة التفعيل من الحوزة السياسية.
ما يحدث في العراق اليوم، كان بسبب نجاح إيران في كسر عزلتها، والتغلب على المعوقات الثقافية والدينية، باستغلالها جهل الجوار العربي، والظروف والأحداث السياسية الإقليمية التي مكنتها من سرقة المرجعية الشيعية العربية، وتحويلها إلى قم، وصناعة التشيع السياسي المفصل على مقاسها، بما يخدم مشروعها الساعي لفرض القومية الإيرانية على العُمق العربي المسلم، ثم نجحت بتسويقه وتلقينه لاتباعها كمعتقد ديني حقيقي، يهدف لهدم التوحيد الذي تصفه الأدبيات الإيرانية بالعربي على سبيل الازدراء والانتقاص.
ما يحدث في العراق هو استغلال لعاطفة دينية ينقصها الوعي والقدرة على التمييز والنقد، بسبب ما تعرضت له من ضغط إعلامي وديني تولى كبره ملالي قم وخدامهم، حقنت العقول البسيطة بالخرافات والافتراءات والأساطير، التي تشربها العقل العام العراقي، وانتقلت من الجانب المعرفي واستقرت في الوجدان الذي وجه السلوك العدائي لكل من يخالفها دون وعي أو تمحيص، وما يوم عاشوراء عنا ببعيد، شاهد ما تتقيئ به وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي المؤدلجة والمسخرة لتغيَّب وإضعاف العقل، وتنشيط الجسد من أجل العنف.
ما يحدث في العراق، هو انقلاب على تعافي العراق، وتوجهه لعروبته، ما يحدث في العراق هو الثأر من كل عراقي مهما كان مذهبه، فحرب الثماني سنوات خلفت وراءها تراكمات عدائية تركت العراق الجريح في وضع من ينتظر رصاصة الرحمة، وهنا أستشهد بما قاله الدكتور نزار السامرائي وهو عميد الأسرى العراقيين في سجون إيران، فبعد أسره ومعه عدد من الجنود العراقيين، أول من حقق معهم معمم صفوي، سألهم عن أسمائهم ومذهبهم!! فقال المجاور للدكتور نزار من اسمي تعرف أني شيعي؛ فقال المعمم: لعنة الله عليك شيعية العراق أنجس من سنة إيران!!.
ما يحدث في العراق هو خلط الأوراق، وإعادة العراق إلى ما كان عليه قبل عقدين من الزمان، فالمجوس يرون العراق الرئة التي يتنفسون منها، والحبال السرية التي يتغذون عليها، وبداية طريق الحرير الذي يسهل حركة المجوس وأتباعهم من الخليج العربي إلى المتوسط، وسيطرتهم على منطقة مهمة من العالم تحقق لهم المكاسب الكثيرة، والقدرة على التفاوض، بعد أن أصبحت طهران العاصمة الثانية والعشرون التي تطل على البحر المتوسط، بالإضافة لمساعدة هذا الطريق الملالي بالالتفاف على العقوبات السياسية والاقتصادية، وانسيابية الحركة في تهريب السلاح والمخدرات والإرهابيين إلى أي مكان.
ما يحدث في العراق هو صحوة مجوسية لإنهاك العراق وإغراقه في المزيد من الفوضى لمواجهة صحوة العراق العربي وانتفاضته على كل ما هو مجوسي، أو عبد للمجوس كالمالكي والحشد الشعبي والإطار التنسيقي الذي تم تشكيله من عدد من الأحزاب السياسية المنفذة للتعليمات الصفوية، من أجل الدفع بمرشحيهم للسيطرة على تشكيل الحكومة العراقية المقبلة، ومحاولة ذر الرماد في العيون من خلال تقديم أسماء الصف الثاني، لكن ارتباطهم بأحزاب عميلة تابعة لإيران، تجعلهم ملوثين، ومن أصحاب التاريخ الأسود، فرفضهم ولفظهم العراق ورجاله.
ما يحدث في العراق هو صحوة أبنائه ورفضهم الخضوع للمحتل المجوسي، فاقتحام المنطقة الخضراء شديدة التحصين، واحتلال البرلمان يحمل رمزية مهمة، فأسود الرافدين ينتصرون لعروبتهم، ووحدتهم، ويحطمون أسوار التبعية للمجوس، ويعبرون عن رفضهم للفساد والفاسدين ومرشحيهم، وهذا مبشر بالخير؛ فهو يؤكد فشل إيران في تفريس العراق العربي رغم كل ما قامت وتقوم به.
قلت لصاحبي:
الصور كالكلمات ليست بريئة.. فصورة المالكي وبيده السلاح رغم عدم تعرضه للخطر ترسل رسائل كثيرة، أهمها أن يوم ذي قار لم يتبقَ عليه الكثير.