اهتمت الدولة السعودية منذ نحو ثلاثة قرون بكسوة الكعبة المشرفة؛ حيث تشير المصادر التاريخية أن الإمام/ سعود الكبير كان أول من أمر بصناعة الكسوة خلال فترة الدولة السعودية الأولى بعد دخوله مكة عام ١٢١٩هـ؛ حيث أمر عدد من الحرفيين بصناعة وحياكة كسوة الكعبة في الأحساء، وبالتحديد في مدينة المبرز ثم الهفوف، لما عُرف من مهارة عالية لأهل الأحساء في حياكة وتطريز المشالح وغيرها، واستمر حياكة وتطريز وصناعة كسوة الكعبة بالكامل بالأحساء ثماني سنوات ( ١٢١٩-١٢٢٧هـ) ثم توقف ذلك، حتى دخول الملك عبد العزيز بن عبدالرحمن آل سعود مؤسس الدولة السعودية الثالثة مكة عام ١٣٤٥هـ، حيث أمر -طيب الله- بإنشاء أول مؤسسة تختص بالكسوة بحي أجياد بمكة شرفها الله، ثم في جرول وذلك عام ١٣٤٦هـ، وفي عام ١٣٩٧ تم افتتاح مصنع كسوة الكعبة بأم الجود بمكة، والذي أمر خادم الحرمين الشريفين الملك/ سلمان بن عبد العزيز-أيده الله- لاحقًا بتسميته (مجمع الملك عبد العزيز لكسوة الكعبة بأم الجود)،
ويعمل به ٢٠٠ فني وموظف وإداري كلهم من السعوديين.
وتشير المصادر التاريخية إلى
أن أول من كسا الكعبة المشرفة هو الملك تبع أسعد الحميري وقيل إسماعيل عليه السلام، قبل نحو ٤ آلاف عام.
كما كساها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعد الفتح بعد أن احترقت الكسوة بسبب امرأة تجمرها، ثم كساها الخلفاء الراشدون بالقباطي والبرود اليمانية، واستمر الخلفاء والملوك في الاهتمام بكسوة الكعبة المشرفة حتى يومنا هذا.
ومنذ افتتاح المجمع قبل نحو ٥٠ عامًا يتم صناعة وحياكة “كسوتان” كل عام بالإضافة لكيس صغير خاص بمفتاح باب الكعبة وكيس لمفتاح باب مقام إبراهيم، ويتم استخدام ٦٧٠ كجم من الحرير+١٢٠ كجم من أسلاك الذهب و١٠٠ كيلو من أسلاك الفضة لصناعة الكسوة الواحدة، والتي تتكون من ٤ قطع على كل جدار قطعة منفصلة ارتفاعها نحو ١٤ م بالإضافة لقطعة خاصة لباب الكعبةتسمى (البرقع)، ويتم حياكتها وجمعها بعد أن تلبس بها الكعبة المشرفة، وتذهب الكسوة السابقة للحكومة حيث يتم توزيع بعضها على رؤساء الدول والهيئات، ومنها قطعة تم إهداؤها للأمم المتحدة، وهي موجودة حاليًا على مدخل مبنى الأمم المتحدة بنيويورك،
ويتم كسوة الكعبة هذه الأيام مرة في العام، وكانت يوم ٩ الحجة حتى تم تعديلها هذا العام (١٤٤٤هـ) لتصبح غرة محرم من كل عام، وهناك كسوة داخلية باللون الأخضر، حيث يتم تغييرها عند الحاجة فقط، كما يتم رفع الكسوة من الشاذرون لارتفاع ٣ أمتار حتى لا تتعرض للقص أو الأذى، ومن الخطأ قول “احرمت الكعبة”؛ حيث إن الكعبة لا تحرم ولكنه إجراء للحفاظ عليها، وقد كانت بألوان متعددة مثل الأخضر والعنابي، وغيرها في عصور سابقة.
——
* باحث في تاريخ وآداب الحرم.
0