المقالات

لا تتزوج مطلقة

سبق أن تناولت موضوع عن زواج المسيار في إحدى مقالاتي، وقد استعرضت فيه إيجابيات وفوائد عديدة لهذا النوع من الزواج، وتم التحذير أيضاً من سلبياته الاجتماعية والنظامية، فلكل شيء إذا ما تم نقصان، وكنت مؤيداً في مقالي ذاك هذا الزواج لإيجابياته، مع تجنب السلبيات ، ولكن ما الذي حصل بعد ذلك ودعاني لإعادة الكتابة في موضوع زواج المسيار؟! فضلاً المتابعة إلى نهاية المقال لتعرفوا ما الذي حصل.

إن الأصل في الزواج هو الإشهار والإعلان ، تجنباً للوقوع في مواطن الشبهة والريبة، وليس دخول الزوج إلى بيت أهل الزوجة، خلسةً كاللص خوفاً من أن يراه الجيران أو كأنه داخلٌ إلى بيت مشبوه وليس بيت أهل زوجته، وكذلك خوف الزوجة من أن يراها أولادها أو الجيران عندما تخرج وتدخل مع رجل غريب، وكذلك عندما يصحبها معه إلى مقهى أو مطعم أو في السوق يكون قلقاً خوفاً من أن يراه أحد.

هناك سلبيات عديدة لزواج المسيار غير الموثق في محكمة الأحوال الشخصية أو محكمة العقود والأنكحة، وأهم السلبيات أن المرأة تستطيع المتاجرة بهذا الزواج وتتزوج أكثر من زوج في وقت واحد، وقد استمعت إلى عدة قصص من أشخاص ثقات بعضهم وقعت معهم شخصياً قصص سلبية في زواج المسيار، فهذا شخص روى لي قصته، حيث وعده أحد معارفه بأن يدله على امرأة ترغب في زواج المسيار، مقابل أن يدفع له مبلغ وقدره (١٥,٠٠٠ ريال سعودي)، فكان نصيبه من السمسرة أو الدلالة (٥,٠٠٠ ريال) وبقية المبلغ للزوجة وأهلها، علماً أن الزوجة غير سعودية، وبعد دفع المبلغ قام هذا الراغب في زواج المسيار بزيارة بيت أهل المرأة وبعد النظرة الشرعية، تم عقد النكاح بحضور والدها وشاهدين فقط وبدون المأذون الشرعي، وتم توثيق العقد في ورقة احتفظ بها والد الزوجة، ولم يوثق العقد رسمياً، وجرى الإتفاق مع أهلها على أن تبقى الزوجة في بيت أبيها ويزورها زوجها اسبوعياً أو من فترة لأخرى، وفعلاً في أول زيارة قام بها الزوج لزوجته ودخل عليها غرفتها، فكانت المفاجأة والصدمة أن الزوجة منعته من الاقتراب منها وشتمته وصرخت بوجهه وكادت تضربه، وطردته بدون أي سبب، فما كان منه إلا الرجوع جاراً أذيال الخيبة، ثم عاد للسمسار لاسترجاع كامل المبلغ منه ولكنه رفض ذلك، معللاً له أنه لم يكن مقصراً معه وقد أوفى بوعده معه وزوّجه ولكن الزوجة هي التي كرهته ورفضته، ربما لعيب في الزوج أو لسوء معاملتها، أو قد يكون تم تنفيذ عملية النصب والاحتيال عليه بنجاح، وراحت فلوسك يا صابر.

وهذا محامي روي قصة في أحد مواقع التواصل، قد باشرها شخصياً، وشد انتباهي العنوان الذي وضعه المحامي وهو (لا تتزوج مطلقة) وقد اتضح مقصوده بعد قراءة الموضوع أنه يحذر تحديداً من عدم الزواج من مطلقة سبق لها الزواج مسيار، وتدور مجريات القصة حول شاب تزوج مسياراً بدون علم أهله، وبعد عدة سنوات قرر مصارحة أهله بذلك، فاصطحب زوجته وطفلهما إلى بيت أهله ليتعارفوا على بعضهم، ولكن المصيبة الكارثية أن والد هذا الشاب عندما شاهد الزوجة اكتشف أنها طليقته التي تزوجها مسياراً في السر قبل عدة سنوات، وهنا كانت الصدمة، فكما هو معروف أنه يحرم على الإبن أن يتزوج مطلقة أبيه دخل بها أو لم يدخل، ومثله الجد، وإن علا، سواء أكان من العصبات كأبي الأب، أم من ذوي الأرحام كأبي الأم، لقوله تعالى: “وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا” وكذلك لا يحل للوالد أن يتزوج بمطلقة ابنه.
والقاعدة الشرعية تقول ” ما بني على خطأ فهو خطأ ” .

* مستشار أسري واجتماعي،
بمستشفى الملك فيصل بمكة المكرمة

Related Articles

One Comment

  1. إن الأصل في الزواج هو الإشهار والإعلان ، تجنباً للوقوع في مواطن الشبهة والريبة، وليس دخول الزوج إلى بيت أهل الزوجة، خلسةً كاللص خوفاً من أن يراه الجيران أو كأنه داخلٌ إلى بيت مشبوه وليس بيت أهل زوجته، وكذلك خوف الزوجة من أن يراها أولادها أو الجيران عندما تخرج وتدخل مع رجل غريب، وكذلك عندما يصحبها معه إلى مقهى أو مطعم أو في السوق يكون قلقاً خوفاً من أن يراه أحد.

    صحت يمينك اباحسن.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button